ولم يتباعد ابن اسحاق عن نصح الإمام الواقف على الأسرار العارف بمقتضيات الأحوال علماً منه بأن ( إمام الحق ) لا يدعوا إلا إلى حكمة بالغة أو حقيقة راهنة فاحتفظ بهذه الوصية الثمينة حتى إذا رجع من الحج إلى مدينة قم زاره ذلك العلوي فيمن أتاه من الناس فأظهر له ابن اسحاق أمام الحاضرين من التبجيل والاحترام ما أبهره وعجب منه الحاضرين .
فسأله العلوي عن هذا الحال الغريب مع ما شاهده منه من ذي قبل فذكر له ما جرى من الإمام العسكري (ع) معه .
فبكى العلوي وتاب عما كان عليه وصار من المتورعين المتخذين أقوال آبائه الهداة طريقاً مهيعاً في كل أعماله حتى فاجأه الموت ودفن بقم قريباً من مشهد السيدة الطاهرة ( فاطمة ) بنت الإمام الكاظم (١) .
٣ ـ حدث الوزير علي بن عيسى (٢) أن علوياً من أولاد موسى ابن جعفر (ع) كان يأتيه في شهر رمضان فيعطيه خمسة آلاف درهم مؤنة له ولعياله وهذه حالة مع العلويين في هذا الشهر المبارك فاتفق أنه رأى ذلك العلوي في الشتاء سكراناً فندم على ما كان منه معه وعزم على حرمانه ، ولما دخل شهر رمضان أتاه العلوي على عادته
____________________
(١) فضائل السادات ص : ٣٦٢ عن تاريخ قم .
(٢) علي بن عيسى بن داود الجرح في شذرات الذهب ج ٢ ص ٣٣٢ وزر مرات للمقتدر والقاهر وكان محدثاً ديناً خيراً كبير الشأن عاش تسعين سنة توفي ببغداد سنة ٣٩١ ودفن في داره ، ترجمته في معجم الأدباء ج ١٤ ص ٦٨ ، والمنتظم لابن الجوزي ج ٧ ص ٢١٨ سنة ٣٩١ ، والبداية لابن كثير ج ١١ ص ٣٣٠ .