وهنا في مقام ذلك الجلال القدسي الطافح بالعظمة وقد أمر (ص) بإكرام أولاده ، الصالح لله والطالح له .
على أن الأحاديث المسطورة في كتب التاريخ مما يشين مقام الذرية لم يثبت صحة إسنادها ، وإنما جاء بها أناس يحملون أحقاداً محتدمة على المصطفى (ص) طلباً لثارات أشياخهم المودى بهم في بدر وحنين وغيرهما من مغازية مشفوعة بأضغان معتلجة في الصدور على أمير المؤمنين (ع) بما أنه المباشر لإزهاق أولئك الطغام .
لكن الظروف لما لم تسع لهم أن يشينوا سمعة الرسالة عمدوا إلى الوقيعة في آله الأقربين باختلاق نسب مفتعلة ولقنوها الرواة وتلقنتها البسطاء وخفيت على الفطاحل وذوي الفضيلة غير أن الاستضاءة بنور البحث والتنقيب أماطت الستار عن الحقيقة وعرفتنا حال أولئك الرواة وما جاؤوا به من قدح وذم .
ويسجل ابن أبي الحديد في شرح النهج (١) رجالاً كانوا يستميلون دنيا الخلفاء بافتعال أحاديث تبعد العامة عن المعصومين وذويهم . ويقول الخطيب : ضرب المتوكل نصر بن علي ألف سوط لكونه حدث في فضل الحسن والحسين (ع) ولم يكفَّ عنه حتى شهدوا أنه من أهل السنة (٢) .
وقول مقاتل للمنصور الدوانيقي : إن شئت وضعت لك أحاديث في فضل العباس بن عبد المطلب (٣) يؤكد ما عليه الرواة من افتراء الأحاديث إرضاء للخلفاء .
____________________
(١) ج ١ ـ ص ٣٥٨ إلى ص ٣٦٥ .
(٢) تاريخ بغداد ج ١٣ ـ ص ١٦٧ .
(٣) تاريخ بغداد ج ١٣ ـ ٢٨٧ .