نعم يجوز لمن توفرت عنده القرائن الصحيحة على خروج الشخص عن العدالة والوثاقة فيصفه بذلك بقصد الوقوف على جرحه ليتحرز عن العمل برواياته في الأحكام الشرعية وأما من لم تتوفر عنده القرائن المثبتة للجرح أو توفرت ، ولكن لم يقصد هذه الغاية الثمينة الذي وضع علم الرجال لأجلها وأجهد العلماء أنفسهم في تمييز المجروحين من غيرهم فيحرم شرعاً التعرض له لأنه هتك المؤمن وإيذاؤه بالقول الشائن وإشاعة الفاحشة واغتيابه المحرم كل ذلك بالكتاب العزيز والسنة المطهرة .
وعلى هذا فما أرسل في الكتب من نسبة المروق عن الحق إلى عبد الله المحض وجماعة الهاشميين رجالاً ونساءً لا يصح نقله لمجهولية رجال الإسناد في جملة الأحاديث وعدم ثبوت التوثيق في جملة أخرى وعدم الاعتماد على كثير ممن أودع تلك الأحاديث في كتابه .
وقد قال الله تعالى : ( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (١) .
والفاسق أعم ممن ثبت فسقه أو لم يثبت توثيقه .
ومن العجيب أن أرباب الجوامع الذين احتفظوا بأمثال هذه الأحاديث نراهم لم يعبأوا بما تتضمنه من حكم إلزامي وتكليف شرعي بل لا يحتاطون في اتيانه إذاً فكيف جاز الاعتماد على هذا النقول في جرح الرجل المسلم ونسبته إلى التمرد على قانون الإسلام ، أليس هذا من التساهل في الدين ؟ ( أيها المنصفون ) فيعلم من ذلك أن غرضهم من تأليف قضايا تاريخية وقصص أخبار الماضين على ما دب ودرج .
____________________
(١) سورة الحجرات ، الآية : ٦ .