وإن كان الكذب في ثناء رجل لا يستحقه ففيه إغراء بالجهل وإن كان في نسبة الفاحشة إلى مؤمن فذلك إيذاء وهتك الستر .
وأشد أفراد الكذب إذا كان وقيعة في الذرية الطاهرة آل الرسول (ص) الذين شاء لهم المولى سبحانه حسن السمعة وشرف المخبر وهو أجر الرسالة الذي صدر الأمر به ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) فإنه عام لسائر أفراد الذرية تكريماً لصاحب الدعوة الإلٰهية وتمريناً للملأ الديني على البخوع لعامة بنيه ، وردعاً للأغرار منهم عما لا يليق بساحة سلفهم وشرفهم الوضاح .
وقد عرفت الحديث عن النبي (ص) في إكرام أولاده : الصالح لله والطالح له وان الولد العاق يلحق بالنسب ، كما عرفت أن السياسة القاسية في العهد الأموي والعباسي استهوت رجالاً جرهم الطمع إلى استنزاف ما في أيدي القوم من الثراء المتدفق ، فدسوا في الأحاديث خزايات تندى منها جبهة الإنسانية قصدوا بها الحط من مقام البيت العلوي عن مستوى الفضيلة فانطلت تلكم المخازي على الأجيال المتأخرة فحسبوها مروية عن صاحب الرسالة ، وعن عظماء الصحابة أو أنها من القضايا والحوادث التي لها نصيب من مستوى الحقيقة .
ومن هنا وضع العلماء علم الرجال ليتميز أولئك الدساسون من غيرهم ، وإن محاورة الحتات بن يزيد أبو منازل مع معاوية تفيدنا فقهاً بما عليه ابن هند من بذل الأموال لمقاصده وغاياته ضد أهل البيت ، فإنه وفد مع الأحنف وجارية بن قدامة على معاوية فأعطى معاوية كلا من الأحنف وجارية مائة ألف وأعطى الحتات سبعين ألفاً فعتب عليه حيث أنقصه عن صحبه ، فقال معاوية : إني اشتريت
____________________
(١) سورة الشورى ، الآية ٢٣ .