منهم دينهم ووكلت إلى رأيك في عثمان فقال الحتات : فاشتر مني ديني مثلهم فأتم له الجائزة (١) .
وسمع الأحنف رجلاً يقول لمعاوية لو لم تول يزيد أمور المسلمين لأضعتها ، فعتب عليه ، فقال الرجل : إني أعلم أن شر من خلق الله هذا وابنه ولكنهم استوثقوا من هذه الأموال بالأقفال (٢) .
وعلى هذا فهل ترى هؤلاء إلى أمثالهم يتورعون عن موافقة الخلفاء بافتعال أحاديث وقضايا توافق رغباتهم ، وهل يمكن للكاتب الركون إليهم في نقل الحقائق ، وقد عرفت حديث ( مقاتل ) الذي ملئت الطوامير بمروياته مع المنصور فإنه قال له : إذا شئت وضعت أحاديث في فضل العباس ولك (٣) .
إني لا أستغرب من هؤلاء الرواة المتروكة أقوالهم بنص علماء الرجال إذا تحدثوا بما سولت لهم نفوسهم مما دب ودرج ، وإنما الغريب من مؤرخ يزعم أنه يتحرى الحقائق ثم يستند إلى المتفكهين بقذف المسلمين المحبين لإشاعة الفاحشة .
ولم يغب عنه ما في تدوين هذه المفتريات من الخروج على قدس الكتاب المجيد المانع من هتك ستر المؤمن ونسبة القبيح إليه وكيف يغيب عنه ، وكل مسلم يقرأ نهاره وليله قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (٤) .
____________________
(١) الطبري ج ٦ ، ص ١٣٥ .
(٢) ابن خلكان بترجمة الأحنف .
(٣) تاريخ بغداد ج ١٣ ، ص ١٦٧ .
(٤) سورة النور ، الآية ١٩ .