إياك ومشاورة النساء فإن رأيهنّ إلى أفن وعزمهنّ إلى وهن واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن ، فإن شدة الحجاب أبقى عليهن وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن ، وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ، ولا تمكن المرأة ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة (١) .
فإن التأمل في أطراف كلامه (ع) يوقفنا على الحكم بإلزام المرأة بيتها وإسدال الستر عليها لأنه أحفظ في الصون وأمنع من طروق ما لا يحل بساحتها مما يقبحه العقل والعرف والدين والغيرة .
وزاد (ع) في أمرها أن أمر بكف أبصارهن عن النظر إلى الغير ، وأن لا تخرج من بيتها ولا يدخل عليها الرجال لما فيه مظنة الوقوع في الهلكة وارتكاب الفتنة كما وقعت فيها امرأة العزيز ونسوة مصر اللائي قطعن أيديهن حين شاهدن جمال الصديق يوسف (ع) .
وأندية أهل البيت تلهج بقول الرسول (ص) لأم سلمة وزينب حين دخل ابن أم مكتوم فلم يحتجبن عنه واعتذرن بأنه أعمى : ( أفعمياوان أنتما ) (٢) .
وهذا من المرتكزات في نفوس ذوي الغيرة والشهامة من غير هذا البيت فكيف بأهله .
يقول إسحاق بن أحمد بن نهيك : شاهدت رجلاً في طريق مكة وعديله جارية في المحمل وقد عصب عينيها وكشف الغطاء عن وجهها ولما قيل له في ذلك كان جوابه : ( إنما أخاف عليها عينها لا
____________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٥٨ المطبعة الرحمانية في مصر من وصيته الطويلة لولده .
(٢) تفسير الخازن ج ٥ ، ص ٥٧ وتفسير البغوي بهامشه .