[٢٣٥] ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي ، حدّثنا إسحاق بن الحسن الحربي ، حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدّثنا أبو عاصم محمد بن أبي أيوب الثقفي ، حدّثنا يزيد الفقير قال : كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج (١) ، وكنت رجلا شابا ، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد الحج ثم نخرج على الناس ، فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدّث القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إلى سارية ، وإذا هو قد ذكر الجهنميين ، فقلت له : يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هذا الذي تحدّثون؟ والله تعالى يقول : ( إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ) (٢) ، و : ( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها ) (٣) فما هذا الذي تقولون؟ فقال : أي بني تقرأ القرآن؟ فقلت : نعم ، فقال : هل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يبعثه الله فيه؟ فقلت : نعم ، قال : فإنه مقام محمد المحمود الذي يخرج الله به من يخرج من النار. قال : ثم نعت وضع الصراط ومرّ الناس عليه ـ فأخاف أن لا أكون حفظت ذلك ـ غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها ، قال : فيخرجون كأنهم عيدان السماسم (٤) ، فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه ، قال : فيخرجون كأنهم القراطيس (٥) البيض. قال : فرجعنا فقلنا : ويحكم ترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : فرجعنا ، فو الله ما خرج منّا غير رجل واحد (٦).
رواه مسلم (٧) في الصحيح عن حجاج بن الشاعر ، عن الفضل بن دكين.
__________________
[٢٣٥] شعب الإيمان ( ٢ / ١١١ ـ ١٤٤ ).
(١) رأى الخوارج أنهم يرون أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار ، ولا يخرج منها من دخلها.
(٢) آل عمران : ١٩٢.
(٣) السجدة : ٢٠.
(٤) قال النووي في شرح مسلم ( ٣ / ٥١ ) هو السمسم المعروف الذي يستخرج منه الشيرج. ونقل عن ابن الأثير أنه قال : معناه والله أعلم أن السماسم جمع سمسم وعيدانه تراها إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبّها دقاقا سودا كأنها محترقة ، فشبّه بها هؤلاء.
(٥) قال النووي : وهو الصحيفة التي يكتب فيها ، شبّههم بالقراطيس لشدّة بياضهم بعد اغتسالهم.
(٦) قال النووي : معناه : كففنا عنه وتبنا منه ، إلا رجلا منّا ، فإنه لم يوافقنا في الانكفاف عنه.
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان : باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.