بباله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا سيّما في ما يُفعل من اُمور الدنيا ، ولذلك قال : « أنتم أعلم بأمور دنياكم » (١) !
لكنّ هذا وجه مردود من أوّل نظرة ، حتىٰ علىٰ فرض صحّة الحديث « أنتم أعلم بأمور دنياكم ».. ذلك أنّ هذا كان في واقعة محدّدة ، هي قضية تأبير النخل في عام من الأعوام ، وقضية مثل هذه لا تدخل في شؤون النبوّة ولا في شؤون القيادة السياسة والاجتماعية ، فلم يكن قائد من قوّاد الاُمم مسؤولاً عن نظام تأبير النخل ! أو عن إصلاح شؤون بيوت الناس من ترتيب أثاثها وترميم قديمها ! أو كيفية خياطة الثياب ! أو طريقة رصف السلع في الأسواق !
هذه هي أمور دنيا الناس التي يباشرونها بأذواقهم وبخبراتهم الخاصة الخاضعة لظروفها الزمانية والمكانية.
أمّا أن يقال إنّ من الناس من هو أعلم من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بشؤون سياسة الدولة ، وأقدر منه علىٰ تقدير مصالحها وحفظها ، فهذا من الفكر الشاذّ الذي لا يستقيم ومبادئ الإسلام.
فمن المستنكر جدّا أن يستفاد من حديث « أنتم أعلم باُمور دنياكم » انّهم أعلم منه بسياسة البلاد وبتخطيط النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية !
إنّه لا يتجاوز في معانيه تلك الأمثلة المتقدّمة في شؤون الناس الخاصّة التي يتعاهدونها بأنفسهم ، وليس القائد ـ نبيّاً أو غيره ـ بمسؤول عن
__________________
(١) تفسير الرازي ٩ : ٦٦.