فلمّا تجنّب الخلفاء مبدأ الشورىٰ ومبدأ النصّ والاستخلاف معاً ، واختاروا مبدأ القهر والاستيلاء والتغلّب بالسيف ، قبلنا به واحداً من طرق الخلافة !
فكم بين الشورىٰ ، والتغلّب بالسيف ؟!
إنّ إقرار مبدأ التغلّب بالسيف لَيُعدّ أكبر انتكاسة لمبدأ الشورىٰ !
وإذا كانت الشورىٰ مستمدّة من القرآن ، فمن أين استمدّت قاعدة التغلّب بالسيف ؟!
وثَمَّ سؤال أشدّ إحراجاً من هذا :
فإذا كانت الشورىٰ هي القاعدة الشرعية المستمدّة من القرآن ، فماذا عن عهود الخلافة التي لم تتمّ وفق هذه القاعدة ؟!
وحين لم يتوفّر الجواب الذي ينقذ هذه النظرية من هذا المأزق الكبير ، رأينا أنّ المهرب الوحيد هو أن نبرِّر جميع صور الخلافة التي تحقّقت في الواقع : فمرّةً بعقد رجل واحد ومتابعة أربعة ، ومرّة بنصّ من الخليفة السابق ، ومرّة في ستّة يجتمعون لانتخاب أحدهم ، ومرّة بالقهر والاستيلاء ، حتىٰ أدّىٰ هذا المبدأ الأخير إلىٰ أن تصبح الخلافة وراثة بحتة لا أثر للدِين فيها.
إنّ هذه الطريقة في تبرير الأمر الواقع
لم تسقط الشورىٰ وحدها ، بل أسقطت معها أهمّ شروط الإمامة الواجبة لصحّة عقدها ، والتي منها :