وهذا تقديم لبني هاشم علىٰ سائر قريش ..
ساق ابن تيميّة هذا الحديث الصحيح ، وأضاف قائلاً : وفي السنن أنّه شكا إليه العبّاسُ أنّ بعض قريش يحقّرونَهم ! فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « والذي نفسي بيده لايدخلون الجنّة حتىٰ يحبّوكم لله ولقرابتي » وإذا كانوا أفضل الخلائق ، فلا ريب أنّ أعمالهم أفضل الأعمال.. ففاضلهم أفضل من كلّ فاضل من سائر قبائل قريش والعرب ، بل وبني إسرائيل وغيرهم (١).
وليس المقام مقام تفضيل وحسب ، بل إنّ قريشاً لا يصحّ لها إيمان مالم تحبّ بني هاشم حُبّين : لله ، ولقرابة الرسول !
فهل يصحّ أن تكون قريش كلّها سواء في حقّ التقدّم والإمامة ، وفيها بنو هاشم الّذين رفعهم النصّ إلىٰ أعلىٰ منزلة ، وفيها بنو أُميّة الّذين خفضهم النصّ إلىٰ أردىٰ الرتب ؟!
إذا كان الواقع قد آل إلىٰ هذه الحال ، فعلينا أن نشهد أنّه واقع منحرف عن النصّ ، لا أن نسعىٰ إلىٰ تبريره.
ممّا تقدّم يبدو بكّل وضوح أنّنا هنا قد أخفقنا في تحقيق نظرية منسجمة متماسكة في موضوع الإمامة ، وأنّ السبب الحقيقي لهذا الإخفاق هو متابعة الأمر الواقع والسعي لتبريره وجعله مصدراً رئيساً في وصف النظام السياسي.
وتلك الوجوه المتناقضة كلّها من المستحيل أن تجتمع في نظرية
__________________
(١) ابن تيميّة ، رأس الحسين : ٢٠٠ ـ ٢٠١ مطبوع مع استشهاد الحسين ـ للطبري ـ.