وجعل التغلّب أمراً شرعيّاً كمبايعة أهل الحلّ والعقد للإمام الحقّ ، وجعل عهد كلّ متغلّب باغٍ إلىٰ ولده أو غيره من عصبته حقّاً شرعياً وأصلاً مرعياً لذاته (١) !.
وهذه حقيقة تاريخية ، وليست دعوىٰ مجازفٍ أو متهاون.
صورتان نقف عندهما يسيراً بعد هذا الشوط المضني ، لنواصل بعدهما المشوار..
لقد أسقط مذهب الكثير من عظماء السلف وأشرافهم فلا يُذكر لهم اسم ، ولايُشرَك لهم قول في هذه النظرية.
فلا ذكر للسبط الشهيد الإمام الحسين بن عليّ وثورته (٢).. ولا لمئات المهاجرين والأنصار وبقيّة الصحابة في مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونهضتهم علىٰ يزيد بن معاوية (٣).. ولا عبد الله بن الزبير.. ولا الشهيد زيد بن عليّ بن
__________________
(١) الخلافة : ٥١ ، عنه : نظرية الحكم والإدارة في الإسلام : ١٢٦.
(٢) قُتل الإمام الحسين عليهالسلام مع نيّف وسبعين من أهل البيت والتابعين وفيهم الصحابي أنس بن الحارث الذي روىٰ حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يُقتل بأرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد منكم ذلك فلينصره » البداية والنهاية ٨ : ٢٠١ ، أُسد الغابة ، والإصابة : ترجمة أنس بن الحارث.
(٣) قُتل منهم ثمانون صحابيا ولم يبق بدريّ بعد ذلك ، وقتل من قريش والأنصار سبع مئة ، ومن التابعين والعرب والموالي عشرة آلاف ، وأُبيحت المدينة ثلاثة أيّام وانتُهكت الأعراض حتىٰ ولدت الأبكار لايُعرَف من أولدَهنّ !
أُنظر تفاصيل وقعة الحرّة في أحداث سنة ٦٣ ه في المنتظم لابن الجوزي ٦ : ١٢ ـ ١٧ ، تاريخ الطبري ٥ : ٤٨٢ ـ ٤٩٥ ، واُنظر تاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٩٥.