وقال القلقشندي : إن لم يكن الخليفة المتغلّب بالقهر والاستيلاء جامعاً لشرائط الخلافة ، بأن كان فاسقاً أو جاهلاً ، فوجهان لأصحابنا الشافعية ، أصحّهما : انعقاد إمامته أيضاً (١) !
إنّ مثل هذا الرأي الذي ينقض شرائط الخلافة بعد أن نقض أساسها ، لا بُدّ له من تبرير مقبول.
والتبرير الذي قدّمته هذه النظرية هنا هو : ( الاضطرار ) !
لأنّا لو قلنا : لاتنعقد إمامته ، لزم ذلك بطلان أحكامه كلّها المالية والمدنيّة ، فيتعيّن علىٰ الخليفة الذي يأتي بعده وفق الشروط الشرعية أن يقيم الحدود ثانياً ، ويستوفي الزكاة والجزية ثانياً ، وهكذا (٢).
والضرورة أيضاً تقتضي صحّة خلافته : لحفظ نظام الشريعة ، وتنفيذ أحكامها (٣) ، ولأنّه لابُدّ للمسلمين من حاكم (٤).
إذن قبولها علىٰ هذه الصورة يستدعي السعي الدائم لإزاحتها وإرجاع الأمر إلىٰ صيغته الشرعية متىٰ ما وجدت الأُمّة سبيلاً إلىٰ ذلك.
هذا ماذهب إليه الشيخ محمّد رشيد رضا وقد استعرض هذه الآراء ، فقال : معنىٰ هذا أنّ سلطة التغلّب كأكل الميتة ولحم الخنزير عند
__________________
(١) مآثر الإنافة ١ : ٥٨.
(٢) اُنظر : مآثر الإنافة ١ : ٥٨.
(٣) مآثر الإنافة ١ : ٧١.
(٤) الأحكام السلطانية ـ للفرّاء ـ : ٢٤.