الضرورة ، تنفذ بالقهر ، وتكون أدنىٰ من الفوضىٰ !
ومقتضاه أنّه يجب السعي دائماً لإزالتها عند الإمكان ، ولايجوز أن توطّن الأنفس علىٰ دوامها ، ولا أن تجعل كالكرة بين المتغلّبين يتقاذفونها ، ويتلقّفونها كما فعلت الأُمم التي كانت مظلومة وراضية بالظلم (١).
لكنَّ الواقع كان علىٰ العكس من ذلك ، فقد حرّموا دائماً الخروج علىٰ السلطان الجائر والفاسق ، وعدّوا أيّ محاولة من هذا القبيل من الفتن التي نهىٰ عنها الدين وحرّم الدخول فيها..
يقول الزرقاني : أمّا أهل السُنّة فقالوا : الاختيار أن يكون الامام فاضلاً عادلاً محسناً. فإن لم يكن فالصبر علىٰ طاعة الجائر أوْلىٰ من الخروج عليه ، لِما فيه من استبدال الخوف بالأمن ، وإهراق الدماء ، وشنّ الغارات ، والفساد ، وذلك أعظم من الصبر علىٰ جوره وفسقه (٢) !
كما ثبت عن أحمد بن حنبل أنّه قال : ( الصبر تحت لواء السلطان علىٰ ماكان منه من عدلٍ أو جور ، ولايُخرَج علىٰ الأُمراء بالسيف وإنْ جاروا ) (٣).
استعرض الشيخ أبو زهرة هذين القولين ، ثمّ قال : وهذا هو المنقول عن أئمّة أهل السُنّة ؛ مالك ، والشافعي ، وأحمد (٤).
__________________
(١) الخلافة : ٤٥ ، عنه : نظام الحكم والإدارة في الإسلام : ١٢٦.
(٢) شرح الموطّأ ٢ : ٢٩٢ ، عنه : المذاهب الإسلامية : ١٥٥.
(٣) المذاهب الإسلامية : ١٥٥.
(٤) المذاهب الإسلامية : ١٥٥.