لا تزال مشكلة ( أساس نظام الحكم في الإسلام ) تُعدّ من اُمّهات المشاكل التي لم يُحسم فيها القول بين المسلمين بعد..
إنّها واحدة من المشاكل الكبرىٰ التي تعرّضت دائماً لإشكالات الرُؤىٰ المذهبية ، شأنها شأن أخواتها من المشكلات التاريخية والعقيدية.
ليس النزاع في أصل النظام ، فإنّ أحداً لا يستطيع أن يتصوّر أُمّة تحيا بلا نظام ، ونظاماً يسود بلا قيادة..
وقديماً تحدّث الفقهاء وفلاسفة السياسة المدنية عن هذا الأصل :
ـ فأحمد بن حنبل يُعرّف الفتنة بأنها حال الاُمّة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس.
ـ وتحدّث المسعودي عن حاجة الدين إلىٰ الملك ، وحاجة الملك إلىٰ الدين ، ورأىٰ أنّه لا غنىٰ لأحدهما عن الآخر..
ـ ورأىٰ ابن حزم أنّ ذلك معلوم بضرورة العقل وبديهته ، وأنّ قيام الدين ممتنع غير ممكن إلاّ بالاسناد إلىٰ واحد يكون علىٰ رأس هذا النظام.
ـ وعبّر ابن خلدون عن هذا النظام بأنّه قوانين سياسية مفروضة يسلّمها الكافة وينقادون إلىٰ أحكامها ، فإذا خلت الدولة من مثل هذه السياسة لم يستتب أمرها ولم يتم استيلاؤها ( سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ).