الشورىٰ في التاريخ والفقه السياسي
الذي يتركّز عليه البحث في التاريخ وفي الفقه السياسي هو موضوع الشورىٰ في اختيار الحاكم ( خليفة الرسول ).
وقد ثبت في البحث المتقدّم أنّ شيئاً ما لم يرد عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا يمكن أن يُلتمس منه ايكال أمر اختيار خليفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ الشورىٰ ، بل الأدلة المتقنة من الكتاب والسُنّة قائمة علىٰ عدم إيكاله إلىٰ أحدٍ من الأُمة مطلقا. ومما يشهد بذلك أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما عرض الإسلام علىٰ القبائل اشترط عليه بعضهم أن يكون الأمر لهم من بعده ، فرفض في تلك الظروف الصعبة هذا الشرط قائلاً : « إنَّ الأمر لله يضعه حيثُ يشاء » (١).
وعدم ورود شيء عن النبيّ في هذا الموضوع ، قضية مفروغ منها ، متّفق عليها ، لا نزاع فيها.. فمتىٰ ولد التفكير في اسناد هذا الامر إلىٰ الشورى ؟
هذا أمر اثبته أصحاب التاريخ وأصحاب الحديث ، بلا نزاع فيه ولا خلاف.. اتفقوا علىٰ أنّ ذلك مبدأ سنّه عمر بن الخطاب قبل وفاته ، وليس
__________________
(١) ذكرهُ أصحاب السيرة ، اُنظر منها : انسان العيون ٢ : ١٥٤.