له قبل هذا التاريخ أثر..
قال القرطبي ، بعد كلام في استحباب الشورىٰ : ( وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافةَ ـ وهي أعظم النوازل ـ شورىٰ ) (١).
وقال ابن كثير : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ) أي لا يبرمون أمرا حتّىٰ يتشاوروا فيه ، ليتساعدوا بآرائهم ، في مثل الحروب وما جرىٰ مجراها ، كما قال تبارك وتعالىٰ : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) ولهذا كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيّب بذلك قلوبهم. وهكذا لمّا حضرت عمر بن الخطاب الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورىٰ (٢).
فانظر إلىٰ هذا التحوّل الكبير في المدىٰ الذي حدث قبل وفاة عمر ، ولم يكن له قبلها أثر ! أمّا كيف حدث هذا التحوّل الكبير ؟ وتحت أيّ دافع ؟
فهذا سؤال هام أجاب عنه عمر بن الخطاب بنفسه في ذات الوقت الذي جعل فيه الخلافة شورىٰ ، ذلك في خطبته الشهيرة التي ذكر فيها السقيفة وأخبارها ، ثم قال : ( لا يغترنّ أمرؤ أن يقول إنّما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت ، ألا إنّها قد كانت كذلك ، ولكن وقىٰ الله شرّها ! فمن بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه ، تغرّةً أن يُقتلا ) (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) تفسير ابن كثير ٤ : ١١٩.
(٣) صحيح البخاري ـ كتاب الحدود ـ باب رجم الحبلىٰ من الزنا / ٦٤٤٢ ، مسند أحمد ١ : ٥٦ ، سيرة ابن هشام ٤ : ٣٠٨ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٠.