وقد خاطب تعالىٰ الكافرين محذراً من الاغترار بدوام حالة الأمن التي يعيشونها ، فإنّ من سُنته الإمهال قبل حلول النكال ، قال لهم بصيغة الاستفهام الانكاري : ( أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا ) (١).
ومن يقرأ سورة هود يلاحظ أنها تستعرض سريعاً أوجه الدمار الذي حلَّ بالمجتمعات الكافرة ابتداءً من قوم عاد إلىٰ قوم فرعون. وتستخلص السورة من كلِّ ذلك عبرة قيّمة مفادها أنّ الظلم كان السبب وراء تدمير المجتمعات : ( .. وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) (٢).
وهذا بخلاف الإيمان الذي تمتد بركاته وثماره لا إلىٰ حياة المؤمن فحسب وإنما إلىٰ أبنائه وأحفاده قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في وصيته لأبي ذر : « يا أبا ذرّ إنَّ الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم » (٣).
وصفوة القول إنّ الإيمان بمثابة السور الوقائي الذي يقي المجتمع من الدمار ويحقق له البركة والرفاهية ويمنحه القوة. أما الكفر وما يرافقه من الظلم فإنّه ينطوي علىٰ نتائج مأساوية كالدمار والبوار.
والحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام علىٰ خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين
______________
١) سورة الاسراء ١٧ : ٦٨ ـ ٦٩.
٢) سورة هود ١١ : ١٠٢.
٣) مكارم الاخلاق ، للطبرسي : ٤٦٥ منشورات الاعلمي ـ بيروت ١٤٠٣ هـ ط ٥.