عن الحياة ويكتفي بالإيمان المجرَّد الذي يقصره البعض وفق نظره القاصر علىٰ الاعتقاد القلبي أو التلفظ اللساني ، وإنّما يُريد المؤمن أن يترجم إيمانه إلىٰ عمل صالح يحقق النقلة الحضارية التي تتطلع إليها الاُمّة الإسلامية كأُمّة رائدة.
ومن يتدبر في قوله تعالىٰ : ( .. وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) (١) ، يلاحظ أنه استعمل لفظة « كيف » ولم يقل « كم » تعملون ، لأن الأهم هو نوعية العمل وأبعاده الحضارية وليس كميته. فمبيت الإمام علي عليهالسلام ـ علىٰ سبيل المثال ـ ليلة واحدة في فراش الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنقذت الرسول والرسالة ، وضربته يوم الخندق كانت تعادل عبادة الثقلين !.
فالإنسان يرتفع بنوعية العمل الذي ينجزه علىٰ صعيد الواقع ، ومن هنا ركّزت مدرسة أهل البيت عليهمالسلام علىٰ « الثنائي الحضاري » المتمثل بالإيمان المقترن بالعمل ، وفي هذا الصدد قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل.. يحبُّ الصالحين ولا يعملُ عملهم... » (٢).
ومن المعروف أنّ بعض الناس يتّكلون علىٰ أحسابهم الرّفيعة في كسب المكانة الاجتماعية ، ولكن الإمام علياً عليهالسلام ركّز علىٰ مقياس العمل وأعطاه الأولوية في تكامل الإنسان ورفعته ، فقال عليهالسلام : « من أبطأ به عمله ، لم يسرع به حسبه » (٣).
وكان أئمة أهل البيت عليهمالسلام علىٰ الرغم من شرف حسبهم ، وسمو
______________
١) سورة الأعراف ٧ : ١٢٩.
٢) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : ٤٩٧ / حكم ١٥٠.
٣) نهج البلاغة ، صبحي الصالح / ٤٧٢ / حكم ٢٣.