عليه ، فردَّ عليَّ السلام ، فقلت أطعمني من فضل الله ما أنعم الله تعالىٰ به عليك فقال : « يا شقيق لم تزل نعمة الله تعالىٰ علينا ظاهرة وباطنة ، فأحسن ظنك بربك » ثم ناولني الركوة فشربت منها ، فإذا سويق وسكر ، فوالله ما شربت قطّ ألذَّ منه ولا أطيب منه ريحاً ، فشبعت ورويت وأقمت أياماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً ، ثم لم أره حتىٰ دخلنا مكة فرأيته ليلة في جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع وأنين وبكاء ، فلم يزل كذلك حتىٰ ذهب الليل ، فلما رأىٰ الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلىٰ ، فلما سلم من صلاة الصبح طاف بالبيت أسبوعاً وخرج فتبعته ، فإذا له حاشية وأموال ، وهو علىٰ خلاف ما رأيته في الطريق ، ودار به الناس من حوله يسلمون عليه ، فقلت لبعض من رأيته بالقرب منه ؟ من هذا الفتىٰ ؟ فقال : هذا موسىٰ بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين.. رضوان الله عليهم أجمعين ، فقلتُ : قد عجبت أن تكون هذه العجائب والشواهد إلاّ لمثل هذا السيد » (١).
يبقىٰ أن نشير إلىٰ أنّ العبادة لا ينحصر مصداقها في الصلاة والصيام وما إلىٰ ذلك من الفرائض العبادية ، بل توجد لها مصاديق أعلىٰ ، تكشف لنا عن علائم المؤمن كالفكر والذكر ، فعن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّ : « التفكر في آلاء الله نعم العبادة » (٢) ، وعنه أيضاً أنّ : « التفكر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين » (٣).
______________
١) روض الرياحين في حكايات الصالحين ، عفيف الدين أبي السعادات عبدالله بن أسعد اليافعي اليمني : ١٢٢ / الحكاية ٧٤ مؤسسة عماد الدين ، قبرص.
٢) غرر الحكم.
٣) المصدر السابق.