بكفره » (١).
من جانب آخر نجد نمطاً من الناس قد أسرُّوا الكفر ولكن أظهروا الإيمان نفاقاً ، فهم كالحرباء التي تتأقلم مع الظروف وتتمحور حول المصالح الذاتية ، وكنموذج من أولئك المنافقين في تاريخنا الإسلامي ممن انطلىٰ نفاقهم وكفرهم علىٰ شريحة واسعة من المسلمين لتسترهم بظاهر الإسلام : معاوية بن أبي سفيان وحزبه.
ولا نقول ذلك اجتهادا منّا بل لتواتر التصريح به ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فقد حلف بأغلظ الأيمان لأصحابه الذين صفهم في صفين ، علىٰ نفاق وزيف إيمان أعدائهم بل وكفرهم ، قائلاً : « .. فو الذي فلق الحبَّة ، وبرأ النسمة ، ما أسلموا ولكن استسلموا ، وأسرُّوا الكفر ، فلما وجدوا أعواناً عليه أظهروه » (٢). فهذا نموذج من الناس يعيش حالة الفصام بين الظاهر والباطن ، فيظهر الإيمان ويبطن الكفر وهو ـ بلا شك ولا شبهة ـ من أخطر حالات الكفر ضرراً علىٰ الإسلام.
إنَّ الإسلام ركّز علىٰ التلازم بين الظاهر والباطن ، ومثل هذه الرؤية تتوضح خطوطها فيما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام : عن الهيثم التميمي قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : « يا هيثم التميمي إنَّ قوماً آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن فلم ينفعهم شيء ، وجاء قوم من بعدهم آمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر فلم ينفعهم ذلك شيئاً ، ولا إيمان بظاهر إلاّ بباطن ولا بباطن إلاّ
______________
١) معاني الأخبار : ١٤٩.
٢) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : ٣٧٤ / كتاب ١٦.