« .. وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً.. » (١). ونظراً لوجود هذه العلاقة بين الإيمان والأخلاق نجد التوجهات الأخلاقية تحتل حيزاً كبيراً من التعاليم الدينية.
لذلك نجد أنّ الافراد الذين يعيشون في مجتمعات بعيدة عن نور الإيمان تغلب عليهم سمة الانحطاط الخلقي ، ذلك لأنَّ الحياء فرع الإيمان ، بل في التعبير النبوي « الحياء والايمان في قرن واحد ، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر » (٢).
أضف إلىٰ ذلك أنّ الإيمان يوجه الفرد نحو العمل والكسب الحلال ، ويحذّره من التكاسل والاتّكال علىٰ الآخرين ، فمن وصايا الإمام الصادق عليهالسلام لشيعته خاصة وللمسلمين عامّة : « لا تكسلوا في طلب معايشكم ، فإنَّ آباءنا قد كانوا يركضون فيها ويطلبونها » (٣).
وقد ترجم هذا الإمام العظيم وصيته الذّهبية هذه إلىٰ سلوك مثالي ، فعن الفضيل بن أبي قرّة قال : دخلنا علىٰ أبي عبدالله عليهالسلام وهو يعمل في حائط له فقلنا : جعلنا الله فداك ، دعنا نعمل لك ، أو تعمله الغلمان ؟! قال : « لا ، دعوني فإنّي أشتهي أن يراني الله عزَّ وجلّ أعمل بيدي وأطلب الحلال في أذىٰ نفسي » (٤).
وقد جسّد لنا بسلوكه المثالي مبدأ القدوة الحسنة ، الذي هو أحد
______________
١) كنز العمال ١ : ٣٨ / ح ٧٧.
٢) كنز العمال ١ : ١٢٠ / ح ٥٧٦٦.
٣) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٩٥ دار صعب ـ بيروت ١٩٨١ م.
٤) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٩٩.