لا بدّ للداعي أن يراعي اختيار الأوقات التي هي مظنّة الاجابة ، فمن تأمل النصوص الإسلامية يلاحظ أنّ الأوقات ليست كلّها سواء ، فمنها ما تفتح فيها أبواب السماء ولا يحجب فيها الدعاء ومنها ما تستنزل فيها الرحمة أكثر من غيرها ، وفيما يلي أهم الأوقات التي ترجىٰ فيها الاجابة :
أ ـ جوف الليل :
جعل الله تعالىٰ لساعات النصف الثاني من الليل من البركة والرحمة ما لم يجعله في الساعات الاُخرىٰ من الليل والنهار ، ففي هذا الوقت يستولي النوم علىٰ غالب الناس ، فيتمكن أولياء الله تعالىٰ من الاقبال عليه بالدعاء والذكر والانقطاع إليه بعيداً عن زحمة الحياة ومشاغلها ، فهذا الوقت إذن هو وقت الخلوة وفراغ القلب للعبادة والدعاء ، وهو يشتمل علىٰ مجاهدة النفس ومهاجرة الرقاد ومباعدة وثير المهاد والانقطاع إلىٰ الواحد الأحد.
عن نوف البكالي ـ في حديث ـ قال : رأيت أمير المؤمنين عليهالسلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه وقال لي : « يا نوف ، إنّ داود عليهالسلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنّها ساعة لا يدعو فيها عبدٌ إلّا استُجيب له » (١).
وعن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : « كان فيما ناجىٰ به موسىٰ بن عمران عليهالسلام أن قال له : يا بن عمران ، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عني ، أليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا بن عمران مطّلع علىٰ أحبّائي
__________________________
(١) نهج البلاغة ، الحكمة (١٠٤).