المقدَّر ، ويعتبر الدعاء من أقوىٰ الأسباب ، وليس شيء من الاسباب أنفع منه ولا أبلغ في حصول المطلوب ، لما ورد في فضله من آيات الكتاب وصحيح الأثر ، فإذا قدّر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء.
وفيما يلي نجيب عن هذه الشبهة بشيءٍ من التفصيل :
قيل : إنّ تغيير مصير الإنسان بالدعاء وغيره من أعمال البر يقتضي التغيير فيما قدّره الله تعالىٰ في علمه الأزلي ، وذلك يعني تغيير علمه تعالىٰ ، وهو محال.
نقول : إنّ الله تعالىٰ عالم بمصير الأشياء كلّها غابرها وحاضرها ومستقبلها ، وعلمه هذا أزلي قديم لا يتصور فيه الظهور بعد الخفاء ولا العلم بعد الجهل ، قال تعالىٰ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) (١).
وقال الإمام موسىٰ بن جعفر الكاظم عليهالسلام : « لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء ، كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء » (٢).
إنّ لعلمه تعالىٰ مظاهر عبّر عنها في الكتاب الكريم ، منها أُمّ الكتاب ، وهذا المظهر يعبر عن علمه الأزلي المحيط بكلِّ شيء ، والذي هو عين
__________________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ٥.
(٢) الكافي ١ : ٨٣ / ٤.