٢ ـ الدعاء علىٰ خلاف سنن التكوين والتشريع :
علىٰ الداعي أن يفهم سنن الله تعالىٰ التكوينية والتشريعية ، وأن يدعو ضمن دائرة هذه السنن ، فليس من مهمة الدعاء أن يتجاوز هذه السنن التي تمثّل إرادة الخالق التكوينية ورحمته ولطفه ، قال تعالىٰ : ( فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) (١).
روىٰ الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام : « أن زيد بن صوحان قال لأمر المؤمنين عليهالسلام : أي دعوة أضلّ ؟ قال عليهالسلام : الداعي بما لا يكون » (٢). أي لا يقع ضمن دائرة سنن التكوين.
إنّ الدعاء طلب المقدرة والعون للوصول إلىٰ أهداف مشروعة أقرّتها الخليقة والتكوين أو الشرائع الالهية للإنسان ، وهو بهذه الصورة حاجة طبيعية لا يبخل الباري تعالىٰ بلطفه ورحمته علىٰ الداعي بالعون حيثما وجدت الحاجة لذلك ، وحيثما كان الداعي مراعياً للشروط والآداب ، أما أن يطلب أشياء تخالف أهداف التكوين والتشريع فان دعاءه لا يستجاب كمن يسأل الله تعالىٰ إحياء الموتىٰ ، أو الخلود في دار الدنيا ، أو غفران ذنوب الكفار ، أو يدعو علىٰ أخيه المؤمن ، أو في قطيعة رحم ، أو يطلب شيئاً محرماً ، وغير ذلك من الدعوات التي لا تكون مصداقاً حقيقياً للدعاء.
قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « يا صاحب الدعاء ، لا تسأل ما لا يحلُّ
__________________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٤٣.
(٢) الفقيه ٤ : ٢٧٤ / ٧٢٩. أمالي الصدوق : ٣٢٢ / ٤.