أجوركم ، ولم ألتكم من أعمالكم شيئاً ، وسألني هؤلاء فأعطيتهم وأغنيتهم ، وهو فضلي أُوتيه من أشاء » (١).
وعلىٰ الرغم من حالة الاقتران بين الدعاء والعمل ، إلّا أن الدعاء لا يغني عن العمل ، ولا يصح الاكتفاء بالدعاء عن السعي والمثابرة والجد ، الدعاء مظهر من مظاهر الحاجة الحقّة ، وإنّما يدعو الإنسان عندما لا يكون مطلوبه ميسوراً له أو في متناول يده ، أو يكون عاجزاً ضعيفاً لا يمتلك القدرة علىٰ تحصيله ، أمّا إذا خوّله الله تعالىٰ مفتاح الحاجة فتكاسل عن استعماله ، والتجأ إلىٰ الدعاء دون جدٍّ واجتهاد ، فان دعاءه لا يستجاب ، مثال ذلك المذنب الذي يستغفر الله تعالىٰ ويدعوه التوبة ، ولكنه لا يثابر في تغيير ما في نفسه وتهذيبها باقتلاع عناصر الشر والفساد.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في وصيته لأبي ذر رضياللهعنه : « يا أبا ذر ، مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر » (٢).
وقال الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام : « الداعي بلا عمل ، كالرامي بلا وتر » (٣).
ولذلك ورد عن أئمة الهدىٰ عليهمالسلام كثير من الأحاديث التي تخبرنا عن أصناف من الناس لا تستجاب لهم دعوة ؛ لأنّهم استغنوا بالدعاء عن السعي والجد والمثابرة.
__________________________
(١) عدة الداعي : ٤٢.
(٢) أمالي الطوسي ٢ : ١٤٧.
(٣) نهج البلاغة ، الحكمة (٣٣٧).