٣ ـ وبقوله تعالى ـ حكاية عمّا جرى لإبراهيم عليهالسلام بعد أن جعل أصنام قومه جذاذاً وترك كبيرهم لحكمة بالغة غابت عن نظر مخطئة الأنبياء عليهمالسلام ـ : ( قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) (١).
وقد ضلّت أفهام أكثر مفسّري العامّة بتلك الآيات اغتراراً بأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان ، رووها ـ موقوفة ومرفوعة ـ عن أبي هريرة ، وعبد الله ابن عباس !
أمّا حديث أبي هريرة فقد أخرجوه عنه من أربعة طرق وعمدتها ما كان من رواية محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، وهو الطريق الذي اتّفق عليه البخاري ومسلم في ما يسمّى بالصحيحين ! وفيه يقول أبو هريرة : « لم يكذب إبراهيم عليهالسلام قط إلّا ثلاث كذبات : ثنتين منهن في ذات الله عزّوجلّ : قوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٢) ، وقوله ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا ).
ثمّ قال أبو هريرة : بينا هو ـ يعني إبراهيم عليهالسلام ـ ذات يوم وسارة إذ أتىٰ على جبار من الجبارة ، فقيل له : إن ههنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه ، فسأله عنها ، فقال : من هذه ؟ قال : أُختي (٣) ، فأتىٰ سارة قال :
___________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٦٢ ـ ٦٣.
(٢) سورة الصافّات : ٣٧ / ٨٨ ـ ٨٩.
(٣)
هذه بزعم أبي هريرة الكذّاب هي الكذبة الثالثة لإبراهيم عليهالسلام ، لأن سارة كانت زوجته عليهماالسلام ولم تكن أُخته. وإنّما قلت
( بزعم أبي هريرة الكذّاب ) اقتداء بالفخر الرازي الذي صرّح ـ كما سيأتي في محلّه ـ بأن نسبة الكذب إلى راوي الخبر