إن كانت الآلهة المكسورة تنطق فإن كبيرهم هو الذي كسَّرهم. وهذا قول خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أن إبراهيم لم يكذب إلّا ثلاث كذبات كلها في الله :
قوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا ).
وقوله : ( إِنِّي سَقِيمٌ ).
وقوله لسارة : هي أُختي.
وغيرمستحيل أن يكون الله جلّ ذكره أذِن لخليله في ذلك ليقرع قومه به ويحتجّ له عليهم ، ويعرّفهم موضع خطئهم وسوء نظرهم لأنفسهم ، كما قال مؤذن يوسف لأُخوته : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (١) ولم يكونوا سرقوا شيئاً » (٢).
وقال في مكان آخر : « واختلف في وجه قول إبراهيم ( إِنِّي سَقِيمٌ ) وهو صحيح ، فروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : لم يكذب إبراهيم إلّا ثلاث كذبات. ذكر من قال ذلك ».
ثمّ أخرج تلك الفرية عن محمد بن سيرين ، وعبد الرحمن الأعرج ، والمسيب بن رافع ؛ كلٌّ من طريق ، عن أبي هريرة (٣).
ثمّ ذكر بعد ذلك القول المعارض لذلك فقال : « وقال آخرون : إنّ قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) كلمة فيها معراض ومعناها : إنّ كل من كان في عقبه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به حين قالها سقم ظاهر ، والخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بخلاف هذا القول ، وقول رسول الله صلىاللهعليهوآله هو الحق دون غيره » (٤).
___________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٧٠.
(٢) جامع البيان / الطبري العامي ١٧ : ٥٤ ـ ٥٥.
(٣) جامع البيان ٢٣ : ٨٤ ـ ٨٥ / ٢٥٨٠.
(٤) جامع البيان ٢٣ : ٨٥.