مليم ، أي يلوم غيره وهو أحق منه باللوم ثم يقول : وقرئ ( مليم ) بفتح الميم ، من ليم فهو مليم » (١).
أمّا القرطبي فيرى أنه عليهالسلام أتى بما يلام عليه ، فأما الملوم فهو الذي يُلام استحق ذلك أو لم يستحق ، ثم يقول : « وقيل : المليم المعيب ، يُقال : لام الرجل إذا عمل شيئاً مضاراً معيباً بذلك العمل » (٢).
والبيضاوي يقول مفسراً الآية الكريمة : داخل في الملامة أو آتٍ بما يلام عليها أو مليم نفسه (٣) والبغوي يرى الرأي نفسه (٤).
ومن هنا قالوا بعدم عصمة يونس عليهالسلام عصمة مطلقة وجوّزوا ارتكابه ما استحقّ عليه ملامة العقاب !
والحقّ أنّ الآية الشريفة لا تقدح بعصمته المطلقة من كلّ وجه ، ولا دلالة فيها على ذلك لأن العقاب الوارد فيها كان على ترك الأولى ، لا ترك الواجب الذي يلام عليه من يفعله لوم عقاب لا لوم عتاب.
وهذا هو مذهب جميع الإمامية ، لأنّهم يقولون ـ تبعاً لآل محمد صلىاللهعليهوآله وأدلّة العقول ـ بالعصمة المطلقة لجميع الأنبياء عليهمالسلام قبل بعثتهم وبعدها ، ولا يجوزون عليهم حتى الصغائر ، وإذا حصل لأحدهم عليهمالسلام من قبيل هذا فأنّه يحمل على ترك الأولى ، ومن هنا ندرك أنه سبحانه لم يخاطب نبيه لذنب ارتكبه أو خطأ أقترفه وإنما يكون خطاب تشريف وعتاب لطيف لا عتاب عقاب ، « مستحق للّوم ، لوم العتاب لا لوم العقاب على خروجه من بين قومه
___________
(١) الكشاف ٤ : ٦٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٨ : ٨١.
(٣) تفسير البيضاوي ٥ : ٢٧.
(٤) تفسير البغوي ٤ : ٤٣.