نعم ، بعد تحقّق هذه المقدّمات يصبح الوجوب فعليّا فيحرّك نحو إيجاد المتعلّق ، والمفروض أنّه مقيّد بتلك المقدّمة ممّا يعني أنّ المكلّف مسئول عن إبقاء تلك المقدّمة وإيقاع الواجب مقيّدا بها لا بعد زوالها.
فمثلا مقدّميّة الزوال قد أخذت قيدا للوجوب وللواجب معا ، فوجوب الصلاة لا يكون ثابتا ولا فعليّا إلا بعد زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس صار الوجوب فعليّا ووجبت الصلاة ، وهذه الصلاة مقيّدة أيضا بالزوال ، فإنّه لا يصحّ إيقاعها قبل الزوال ولا يكون امتثالها كذلك امتثالا للواجب الأدائي المأمور به شرعا. فالمكلّف مطالب بعد الزوال بأن يوقع الصلاة مع هذا القيد ، أي مطالب بالتقيّد أي بالصلاة عن زوال لا بالصلاة مطلقا.
وأمّا تحديد الضابط الذي يسير عليه المولى فهو : أنّ كلّ ما كان من شروط الاتّصاف في مرحلة الملاك فيأخذه قيدا للوجوب لا للواجب ، فيصبح مقدّمة وجوبيّة.
والوجه في ذلك واضح ؛ لأنّه لمّا كان شرطا في الاتّصاف فلا يهتمّ المولى بتحصيله ، بينما لو جعله قيدا للواجب وكان الوجوب فعليّا قبله لأصبح مقدّمة وجوديّة ، ولكان التكليف محرّكا نحو تحصيله ، فيتعيّن جعله مقدّمة وجوبيّة.
وأمّا المقام الثاني : فتحديد الضابط لجعل المقدّمات وجوبيّة تارة ووجوديّة أخرى هو أن يقال : هناك نوعان من القيود والشروط ، أحدهما شروط الاتّصاف والآخر شروط الترتّب.
فشروط الاتّصاف تكون مأخوذة في أصل وجود المصلحة والإرادة ، ولذلك فهي تجعل مقدّرة الوجود حين جعل الحكم ، بينما شروط الترتّب تكون مأخوذة لأجل استيفاء المصلحة وتحصيلها وهي دخيلة في المراد ، ولذلك فهي شروط خارجيّة للحكم المجعول.
وبناء على ذلك نقول : إنّ ما كان من المقدّمات والقيود راجعا إلى شروط الاتّصاف في مرحلة الملاك والمصلحة أو الإرادة تكون مأخوذة في الوجوب ، وتعتبر مقدّمات وجوبيّة لا وجوديّة.
والوجه في ذلك : هو أنّ شروط الاتّصاف معناها أنّ المصلحة والملاك متوقّفة على