وحينئذ يكون زمان الواجب شرطا متأخّرا للوجوب مع كون الوجوب فعليّا من حين طلوع الهلال.
وبتعبير آخر : إنّ وجوب الصوم له شرطان :
أحدهما : طلوع الهلال والذي هو شرط مقارن لحدوث الوجوب ، وبه يكون الوجوب فعليّا.
والآخر : هو طلوع الفجر والذي هو شرط متأخّر لفعليّة الوجوب ، بمعنى أنّ هذه الفعليّة لا تصير منجّزة إلا بتحقّق الشرط.
فمن حين طلوع الهلال يكون الصوم واجبا على المكلّف فيما إذا طلع عليه الفجر وكان قادرا بالغا عاقلا ، وهذا الوجوب يبدأ من حين طلوع الهلال وهو فعلي من ذاك الحين ، إلا أنّ امتثال متعلّقه لا يكون منجّزا على المكلّف من الآن ، بل من حين طلوع الفجر.
وأمّا ثمرة البحث في إمكان الواجب المعلّق فتأتي الإشارة إليها (١) إن شاء الله تعالى.
تقدّم أنّ الثمرة في البحث عن إمكان الواجب المعلّق تظهر في المقدّمات المفوّتة ، وكيفيّة تخريجها ، فإنّه على القول بإمكان الواجب المعلّق فتخريج وجوبها واضح ؛ لأنّ الوجوب لمّا كان فعليّا قبل زمان الواجب فهو يدعو ويحرّك نحو إيجاد سائر المقدّمات التي لو لم تتحقّق قبل حلول زمان الواجب لم يمكن امتثال الواجب عند حلول زمانه ، كالسفر إلى الميقات مثلا لمن كان بعيدا عن مكّة فيما إذا وجب عليه الحجّ.
وأمّا على القول بامتناع الواجب المعلّق فسوف تكون المقدّمات المفوّتة مشكلة لا بدّ من إيجاد حلّ لها ؛ لأنّه لمّا لم يكن الوجوب فعليّا فكيف كان المكلّف مسئولا عن إيجاد هذه المقدّمات؟ وما هو الداعي والمحرّك له؟
* * *
__________________
(١) في البحث القادم ، تحت عنوان : المسئوليّة عن المقدّمات قبل الوقت.