التقييد ولكنّه لم يقيّد من أجل محذور الدور أو توقّف الشيء على نفسه ، ولذلك يكون المورد مهملا من ناحية الإطلاق والتقييد ، إلا أنّ هذا الإهمال لا يمكن الالتزام به عمليّا ؛ لأنّ مراد المولى إمّا أن يكون مطلقا أو يكون مقيّدا ، ولذلك نحتاج إلى ما يرفع هذا الإهمال لتعيين المطلق أو المقيّد.
وهذا بخلاف مذهب المشهور القائل بأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد من تقابل النقيضين أو الضدّين اللذين لا ثالث لهما كما هي مقالة السيّد الخوئي ، فإنّ النتيجة هي أنّه إذا استحال التقييد تعيّن الإطلاق وهكذا العكس.
والحاصل : أنّ الميرزا يواجه مشكلة على صعيدين :
الأوّلى : في كيفيّة التوصّل إلى تخصيص بعض الأحكام بالعالم بها.
الثانية : في كيفيّة الخروج من حالة الإهمال بالنسبة للإطلاق والتقييد.
وأمّا جوابه عنهما فهو :
وقد حلّ رحمهالله ذلك بافتراض جعل ثان يتكفّل إثبات نفس الحكم للعالم بالجعل الأوّل خاصّة إذا أريد التقييد ، وللمكلّف مطلقا من حيث علمه بالجعل الأوّل وجهله به إن أريد الإطلاق.
وبذلك تتحقّق نتيجة التقييد والإطلاق ، وإنّما نعبّر بالنتيجة لا بها ؛ لأنّ ذلك لم يحصل بالجعل الأوّل المهمل ، وإنّما عوّض عن إطلاقه وتقييده بجعل ثان على الوجه المذكور.
ولا يلزم من التعويض المذكور محذور التقييد والإطلاق في نفس الجعل الأوّل ؛ لأنّ العلم بالحكم الأوّل أخذ قيدا في الحكم الثاني لا في نفسه ، فلا دور.
ونظرا إلى أنّ الجعلين قد نشا من غرض واحد ولأجل ملاك فارد كان التقييد في الثاني منهما في قوّة التقييد في الأوّل ، ولهذا عبّر عن الثاني بمتمّم الجعل الأوّل (١).
ثمّ إنّ الميرزا قد ذكر حلاّ للمشكلتين معا ، وهذا الحلّ أسماه بمتمّم الجعل.
وتوضيحه : أنّ الأمر لمّا كان مهملا من ناحية تقييده بالعالم به أو إطلاقه للعالم والجاهل معا ، وهذا الإهمال نشأ نتيجة استحالة التقييد بالعلم والمفروض أنّه إذا
__________________
(١) فوائد الأصول ٣ : ١١ ـ ١٢.