ويذكر لهذا التفاعل مثالين من التفاعل بين القضايا الفعليّة التحليليّة مع القضايا التركيبيّة ، ولا يتعرّض للتفاعل بين القضايا الفعليّة والقضايا الشرطيّة ، ولعلّه لعدم وجود مثل هذا التفاعل ؛ لأنّ موضوع كلّ منهما مباين للأخرى ، فالقضايا الفعليّة غير متوقّفة على ضمّ شيء مسبقا إليها ، بل يدركها العقل بنحو الاستقلاليّة.
بينما القضايا الشرطيّة تحتاج إلى ضمّ مقدّمة شرعيّة أو مقدّمة غير شرعيّة إليها فلم يكن البحث فيها استقلاليّا ، ومن هنا لم يكن بينهما أدنى ترابط بين هذين القسمين.
وأمّا القضايا الفعليّة بنوعيها التحليليّة والتركيبيّة فيمكن أن يكون هناك ترابط فيما بينها في أكثر الأحيان والموارد.
فمثلا يكون البحث في قضيّة تحليليّة فيدخل فيه البحث عن بعض القضايا التركيبيّة ، ففي البحث التحليلي عن الوجوب التخييري قد يدّعي البعض أنّه وجوبات مشروطة ، فيشكل البعض الآخر بأنّ هذا مستحيل ويقيم البرهان على الاستحالة ، وهذا بحث تركيبي. أو يكون البحث عن إثبات كونه من الوجوبات المشروطة ، فيدخل فيه البحث التحليلي عن حقيقة الوجوب المشروط ، وأنّه كيف يمكن تصوّر الوجوب مع كونه مشروطا ببعض القيود؟ وهذا البحث التحليلي يدخل فيه البحث التركيبي عن إمكانيّة أو استحالة الوجوب المشروط.
وهكذا سوف نلاحظ التفاعل بين البحوث التحليليّة والبحوث التركيبيّة للقضايا العقليّة.
وسنتناول فيما يلي مجموعة من القضايا العقليّة التي تشكّل عناصر مشتركة في عمليّة الاستنباط ، ثمّ نتكلّم بعد ذلك عن حجّيّة الدليل العقلي.
وبعد هذه الدراسة لأقسام القضايا العقليّة ، سوف نقسّم البحث إلى قسمين :
القسم الأوّل : في بحث بعض القضايا العقليّة التي تشكّل عناصر مشتركة في عمليّة الاستنباط ، وهذا يحقّق الصغرى.
والقسم الآخر : في حجّيّة الدليل العقلي بعد الفراغ عن البحث الصغروي.
* * *