تعيينيّا أو تخييريّا معناه الشكّ في أنّ وجوب الصوم هل هو مطلق حتّى لو أتى بسائر الحصص أو أنّه مشروط بعدم الإتيان بتلك الحصص؟ وبالتالي يعود هذا الشكّ إلى كون وجوب الصوم هل هو وجوب مطلق أم هو وجوب مشروط؟
وحينئذ فإذا أعتق رقبة أو أطعم المساكين سوف يشكّ في بقاء الوجوب عليه ؛ لأنّ وجوب الصوم إن كان تعيينيّا فهذا يعني أنّ وجوبه مطلق ، فهو ثابت وفعلي ولا يسقط بالإتيان بغيره ، وإن كان تخييريّا فوجوبه يكون مشروطا بعدم الإتيان بسائر الحصص ، فإذا جاء بأحدها سقط وجوب الصوم عنه ، وهذا من الشك في سعة وضيق الوجوب المجعول عليه.
ومثل هذا الشكّ هل يكون مجرى للبراءة أم هو مجرى لأصالة الاشتغال؟ فيه كلام بينهم ، إلا أنّ الصحيح كونه مجرى لأصالة البراءة ؛ لأنّه شكّ في التكليف الزائد ؛ لأنّه حينما يأتي بإحدى الخصال الأخرى غير ما يحتمل كونها تعيينيّة فسوف بشكّ في جعل وجوب زائد فتجري فيه البراءة.
وقد يقال بأنّه مجرى لأصالة الاشتغال ؛ لأنّه يعلم باشتغال ذمّته بالوجوب ويشكّ في خروجه عن عهدة التكليف فيما لو أتى بغير ما يحتمل كونه تعيينيّا.
وأمّا إن قيل برجوع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي ، بمعنى أنّه لا يوجد إلا وجوب واحد متعلّق بالجامع دون الحصص والأفراد ، فهنا سوف يحصل للمكلّف علم إجمالي إمّا بوجوب هذه الحصّة بالخصوص أو هي وغيرها من الحصص على سبيل البدل ، فهو علم بتكليف دائر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، فيما لو كان الجامع حقيقيّا ، ومثل هذا العلم ينحلّ إلى علم تفصيلي بوجوب الجامع وشكّ بدوي في وجوب الحصّة ، فتجري البراءة عن الحصّة أي عن التعيين من دون معارض ؛ لأنّ البراءة عن الجامع لا يمكن جريانها كما سيأتي في محلّه.
وإن كان الجامع انتزاعيّا فالشكّ دائر بين عنوانين متباينين ، فإن قيل بالانحلال الحكمي للجامع فسوف تجري البراءة عن الزائد وهو التعيين ؛ لأنّ فيه مئونة زائدة ، وإن لم يحكم بالانحلال فيجب الاحتياط.