الثمرة الفقهيّة للنزاع في الوجوب الغيري
ومسألة الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته على الرغم من كونها من المسائل الأصوليّة العريقة في علم الأصول ، قد وقع شيء من التحيّر لدى باحثيها في ثمرتها الفقهيّة.
وقد يبدو لأوّل نظرة أنّ ثمرتها إثبات الوجوب الغيري وهو حكم شرعي نستنبطه من الملازمة المذكورة.
ولكنّ الصحيح عدم صواب هذه النظرة ؛ لأنّ الحكم الشرعي الذي يبحثه علم الفقه ـ ويطلب من علم الأصول ذكر القواعد التي يستنبط منها ـ إنّما هو الحكم القابل للتحريك المولوي الذي تقع مخالفته موضوعا لاستحقاق العقاب ، وقد عرفت أنّ الوجوب الغيري ـ على تقدير ثبوته ـ ليس كذلك ، فهو لا يصلح أن يكون بنفسه ثمرة لهذه المسألة الأصوليّة.
الثمرة الفقهيّة بين القول بالوجوب الغيري للمقدّمة وبين إنكار ذلك
وهنا من الواضح أنّ الثمرة لا بدّ أن تكون أصوليّة بمعنى أن يكون هذا البحث يؤدّي إلى إثبات جعل كلّي شرعي ؛ لأنّ المسألة الأصوليّة هي ما يستنبط منها جعل من هذا القبيل ، وأمّا إذا أدّى البحث إلى إثبات صغرى لهذا الجعل أو تطبيق من تطبيقاته فيكون البحث فقهيّا لا أصوليّا.
وعلى هذا فقد يقال : إنّه لا ثمرة من البحث الأصولي عن وجوب المقدّمة ؛ وذلك لأنّ الثمرة التي يمكن أن تترتّب عليها هي إثبات الوجوب الغيري للمقدّمة وعدمه ، والوجوب وإن كان حكما كلّيّا بمعنى أنّه يجري بلحاظ كلّ واجب مع مقدّماته في مختلف الأبواب ، إلا أنّه مع ذلك لا يدخل في البحث الأصولي ؛ لأنّ مرادهم من الحكم الشرعي هو ما يكون له قابليّة التنجيز والتعذير ، وما يكون محرّكا وباعثا نحو