تحصيله ، وإذا كان كذلك فيحكم بالإجزاء لتحقّق أحد ملاكيه ولو فرض أنّ الأمر الاضطراري لا يحصّل تمام الملاك ، بل بعضه وبعضه الآخر يمكن تحصيله لم يكن هناك معنى للأمر به تعيينا ، بل لا بدّ من ضمّ الأمر الاختياري إليه أيضا فيكون مكلّفا بالجامع بين الأقلّ والأكثر كما تقدّم وهو محال.
ولكن يرد على ذلك : أنّ الأمر الاضطراري يصحّ جعله في هذه الحالة إذا كانت الوظيفة الاضطراريّة وافية بجزء من ملاك الواقع مع بقاء جزء آخر مهم لا بدّ من استيفائه ، إذ في حالة من هذا القبيل يمكن للمولى أن يأمر بالوظيفة الاضطراريّة في الوقت إدراكا لذلك الجزء من الملاك في وقته الأصلي ثمّ يأمر بعد ذلك بالقضاء استيفاء للباقي ، فلا دلالة للأمر الاضطراري عقلا على الإجزاء في هذه الحالة.
ويجاب على ما ذكر بأن يفرض أنّ الأمر الاضطراري وافيا ببعض الملاك والغرض ، والبعض الآخر يمكن تحصيله وتداركه ويكون على نحو الإلزام ، فإنّه في هذه الحالة لا مانع من ثبوت القضاء.
وتوضيحه : أنّ الشارع لمّا لاحظ أنّ الأمر الاضطراري لا يفي إلا بجزء من الملاك الموجود في الأمر الاختياري ، وكان هناك جزء آخر من الملاك يجب تحصيله وتداركه لكونه مهمّا ويضرّ المولى فواته ، ففي هذه الحالة لن يكون هناك أي مانع عقلا من صدور أمرين : أحدهما الأمر الاضطراري من أجل أن يحصل المكلّف به جزء الملاك في الوقت ، والآخر الأمر الاختياري بعد الوقت وبعد زوال العذر من أجل تحصيل ما تبقّى من الملاك ، بحيث يفرض أن ما تبقّى من الملاك يمكن تحصيله بعد الوقت.
وحينئذ لا يكون الأمر الاضطراري دالاّ على الإجزاء عقلا بمعنى عدم ثبوت القضاء ، وإن كان دالا على الإجزاء عقلا بمعنى عدم ثبوت الإعادة ، حيث تقدّم إنّ العذر إذا ارتفع في الوقت وفرض أنّ الأمر الاضطراري كان مقيّدا بمجرّد طروّ العذر فيجزي الأمر الاضطراري ؛ لأنّ عدم الإجزاء يؤدّي إلى التخيير بين الأقلّ والأكثر وهو مستحيل.
وأمّا هنا فإنّ التخيير ليس بين الأقلّ والأكثر ، بل لا يوجد تخيير أصلا ، وإنّما هناك