ومن هنا فإذا كان النهي المتعلّق بالحصّة المعيّنة نهيا كراهيّا أو تنزيهيّا فلا تنافي بين الأمر والنهي ؛ لأنّ النهي يقتضي الرخصة أيضا.
وأمّا إذا كان النهي تحريميّا فيقع التنافي بين الرخصة المستفادة من إطلاق الأمر وبين عدم الرخصة في إتيان تلك الحصّة الخاصة المستفادة من النهي فيحصل التدافع بينهما.
وحينئذ نقول : ما هو المقصود من قوله : ( إنّ الأمر بإطلاقه يقتضي الرخصة ... )؟ ، فهل مقصوده من ذلك أنّ الإطلاق نفسه معناه الرخصة في تطبيق الجامع على الأفراد ، أو أنّ الإطلاق يستلزم الترخيص المذكور؟
فإن قيل : إنّ الإطلاق معناه الترخيص ، فهذا واضح البطلان ؛ لأنّ الإطلاق كمفهوم ذهني معناه عدم لحاظ القيد مع الطبيعة على ما هو الصحيح ، أو لحاظ الطبيعة مجرّدة عن القيد كما هي مقالة السيّد الخوئي من أنّه رفض القيد.
وإن قيل : إن الإطلاق يستلزم الترخيص ، فهذا وإن كان صحيحا في نفسه إلا أنّنا نتساءل مجدّدا فيما هو المراد من الترخيص ، فهل المراد منه الترخيص الشرعي الذي هو أحد الأحكام التكليفيّة أو هو الترخيص الوضعي؟
فإذا كان المراد من الترخيص الترخيص الشرعي الذي هو أحد الأحكام التكليفيّة فما ذكره الميرزا صحيح ؛ لأنّ الترخيص التكليفي يكون من قبل الجاعل والشارع ، ممّا يعني أنّ الحصّة التي تعلّق بها النهي قد تعلّق بها الترخيص التكليفي من قبل الشارع أيضا ، فيلزم التنافي بين الترخيص المستفاد من إطلاق الأمر وبين عدم الترخيص المستفاد من دليل النهي ، لعدم إمكان اجتماعهما على شيء واحد للتضادّ بين الملاكات والمبادئ فيهما.
وأمّا إذا كان المراد من الترخيص الترخيص الوضعي ، بمعنى أنّ إطلاق الأمر يستفاد منه جواز تطبيق هذا الجامع على أيّة حصّة وفرد منه ، فأيّة حصّة أو فرد من الجامع يأتي به المكلّف يكون صحيحا ومجزيا ويحقّق الامتثال. وهذا معناه أنّ الأمر المتعلّق بالجامع بنحو صرف الوجود لا يأبى ولا يوجد أي مانع من قبله في تطبيق هذا الجامع على أي فرد من أفراده ، فعلى هذا لا تتمّ مقالة الميرزا ؛ لأنّ هذا الترخيص إنّما هو حكم عقلي منتزع من الأمر بالطبيعة بنحو صرف الوجود ، ولا