وحينئذ يحتاج تخريج كراهة العبادة إلى علاج آخر كقيام الإجماع ونحوه على ثبوت الكراهة في العبادة.
وهكذا أيضا لو قيل بأنّ الوجوب التخييري عبارة عن وجوبات مشروطة بعدد الحصص والأفراد ، فإنّ الحصّة المنهي عنها سوف تكون متعلّقة للأمر والنهي معا ، وهما متضادّان بلحاظ المبادئ وبلحاظ الامتثال أيضا وضيق قدرة المكلّف عن الجمع بينهما.
ولكنّ التحقيق : أنّ طريقة الميرزا هذه في إثبات التنافي غير وجيهة ؛ لأنّ الإطلاق ليس ترخيصا في التطبيق ولا يستلزمه.
أمّا إنّه ليس ترخيصا فلأنّ حقيقة الإطلاق ـ كما تقدّم (١) ـ عدم لحاظ القيد مع الطبيعة عند ما يراد جعل الحكم عليها.
وأمّا أنّه لا يستلزم الترخيص ، فلأنّ عدم لحاظ القيد إنّما يستلزم عدم المانع من قبل الأمر في تطبيق متعلّقه على أيّة حصّة من الحصص ، وعدم المانع من قبل الأمر شيء وعدم المانع من قبل جاعل الأمر المساوق للترخيص الفعلي شيء آخر ، وما ينافي النهي عقلا هو الثاني دون الأوّل.
وعلى أيّة حال فإذا تجاوزنا هذه الخصوصيّة وافترضنا الامتناع والتنافي على الرغم من الاختلاف بالإطلاق والتقييد بين المتعلّقين نصل حينئذ إلى الخصوصيّة الأخرى كما يلي.
والتحقيق أن يقال : إنّ ما ذكره الميرزا أو مدرسته من البرهان على الامتناع غير تامّ ، وذلك لعدم تماميّة ما ذكره من الملازمة العقليّة بين ثبوت الأمر بالجامع وبين الترخيص في التطبيق على الأفراد.
وتوضيحه : أنّ الميرزا ذكر أنّ الأمر إذا تعلّق بالطبيعة على نحو صرف الوجود ولم يتعلّق بجميع حصصها على نحو الشمول والسريان ، فإنّ هذا الأمر يقتضي الترخيص في إيجاد الطبيعة في ضمن أيّة حصّة ، بمعنى أنّ الأمر بإطلاقه يقتضي الرخصة في تطبيق الجامع والطبيعة على كلّ أفراده ، حتّى الحصّة التي تعلّق بها النهي.
__________________
(١) في بحث الإطلاق من أبحاث تحديد دلالات الدليل الشرعي ، تحت عنوان : التقابل بين الإطلاق والتقييد.