المستفاد من النهي الشمولي. فيكون هناك فرد واحد عنوانه الصلاة الغصبيّة موردا لحكمين متنافيين هما الترخيص في التطبيق وعدم الترخيص في التطبيق.
ولا يجدي هنا كون الصلاة بعنوانها مغايرة للغصب بعنوانه بناء على كفاية تعدّد العنوان ؛ لأنّ التنافي لم يكن بلحاظ نفس الصلاة كعنوان ، ونفس الغصب كعنوان آخر مباين للأوّل ذاتا ومفهوما ، وإنّما التنافي هنا بلحاظ ما يستفاد من الأمر بالجامع المتعلّق بالصلاة ومن النهي الشمولي المتعلّق بالغصب ، فإنّ المستفاد من الأوّل جواز تطبيق الجامع على كلّ فرد فرد ومنها عنوان الفرد الغصبي الصلاتي ، والمستفاد من الثاني عدم جواز تطبيق النهي على كلّ فرد فرد ومنها عنوان الفرد الغصبي الصلاتي ، فهذا العنوان الواحد انصبّ عليه حكمان متنافيان فيلزم المحذور.
وبهذا ظهر أنّ هذه الخصوصيّة تتمّ على ما اختاره السيّد الشهيد فيندفع محذور الاجتماع لكفاية تعدّد العنوان. بينما لا تكفي لدفع المحذور بناء على ما اختاره الميرزا من تقريب للتنافي.
الخصوصيّة الثالثة : أن نسلّم بأنّ الخصوصيّتين السابقتين غير نافعتين لدفع التنافي ، وأنّ الصلاة في المكان المغصوب لا يمكن أن يجتمع عليها أمر ونهي بعنوانين ، ولكنّنا نفترض أنّها متعلّقة للأمر والنهي مع عدم تعاصرهما في الفعليّة زمانا ، فيبحث عمّا إذا كان هذا نافعا في دفع التنافي أو لا.
ومثاله المقصود حالة طروّ الاضطرار بسوء الاختيار ، وتوضيحه : أنّ الإنسان تارة يدخل إلى الأرض المغصوبة بدون اختياره ، وأخرى يدخلها بسوء اختياره ، وفي كلتا الحالتين يصبح بعد الدخول مضطرّا إلى التصرّف في المغصوب بالمقدار الذي يتضمّنه الخروج ، غير أنّ هذا المقدار يكون مضطرّا إليه لا بسوء الاختيار في الحالة الأولى ، ومضطرّا إليه بسوء الاختيار في الحالة الثانية.
ويترتّب على ذلك : أنّ هذا المقدار في الحالة الأولى يكون مرخّصا فيه من قبل الشارع ، خلافا للحالة الثانية ؛ لأنّ الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي المسئوليّة والإدانة كما تقدّم (١) ، ولكنّ النهي ساقط على القول المتقدّم بأنّ الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وينافيه خطابا.
__________________
(١) في بحث قاعدة استحالة التكليف بغير المقدور ، تحت عنوان : حالات ارتفاع القدرة.