اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه
وقع البحث في أنّ وجوب شيء هل يقتضي حرمة ضدّه أو لا؟
ويراد بالضدّ المنافي على نحو يشمل الضدّ العامّ والضدّ الخاصّ ، ويراد بالاقتضاء استحالة ثبوت وجوب الشيء مع انتفاء حرمة ضدّه ، سواء كانت هذه الاستحالة ناشئة من أنّ أحدهما عين الآخر أو من أنّ أحدهما جزء الآخر ، أو من الملازمة بينهما.
تمهيد : من المسائل الأصوليّة المطروحة للبحث فيما إذا وجب شيء فهل يقتضي ذلك النهي عن ضدّه أو لا؟
وقبل الدخول في بحث المسألة لا بدّ من بيان المراد من الضدّ أوّلا ، ثمّ بيان المراد من الاقتضاء ثانيا.
أمّا الضدّ فالمراد به ما يعمّ النقيضين والضدّين باصطلاح المناطقة ، وليس المراد به خصوص الضدّين فقط.
أمّا النقيضان فأطلق عليهما في الأصول هنا الضدّ العامّ ، فيقال : إنّ وجوب شيء هل يقتضي النهي عن ضدّه العامّ أي نقيضه أو لا؟ والنقيض هنا هو ترك الوجوب.
وأمّا الضدّان فأطلق عليهما هنا عنوان الضدّ الخاصّ ، وهو الفعل الوجودي المضادّ للفعل الواجب ، فيقال : إنّ وجوب الصلاة مثلا هل يقتضي النهي عن الفعل الوجودي المنافي لفعل الصلاة أو لا؟
وأمّا الاقتضاء فمعناه الاستحالة ، بمعنى أنّه يستحيل أن يجتمع وجوب الشيء مع عدم حرمة الضدّ العامّ أو الخاصّ ، فإذا وجب شيء كانت حرمة ضدّه ضروريّة ويستحيل ثبوتها معه.
وهذه الاستحالة لها مناشئ ثلاثة :