وهذا له نظائر كثيرة في الفقه من قبيل تطهير الثوب المتنجّس بماء مغصوب ، فإنّه يطهر به وإن كان سبب حصول الطهارة مبغوضا لكونه غصبا محرّما ، وهكذا الحال في موارد الاضطرار إلى إجراء المعاملة فإنّ المكلّف وإن كان لا يحبّ إجراء المعاملة ولكنّه مضطرّ إليها ؛ لما في الأثر المطلوب منها من فائدة له.
ومثاله في الإيقاعات الظهار ، فإنّه محرّم ولكن لو تحقّق لترتّب عليه أثره وهو الانفصال بين الزوجين فيما إذا لم يكفّر عن ذلك.
وإن تعلّقت بالمسبّب ـ أي بمضمون المعاملة الذي يراد التوصّل إليه بالعقد باعتباره فعلا بالواسطة للمكلّف وأثرا تسبيبيّا له ـ فقد يقال بأنّ ذلك يقتضي البطلان لوجهين :
الأوّل : أنّ هذا التحريم يعني مبغوضيّة المسبّب ، أي التمليك بعوض في مورد البيع مثلا ، ومن الواضح أنّ الشارع إذا كان يبغض أن تنتقل ملكيّة السلعة للمشتري فلا يعقل أن يحكم بذلك ، وعدم الحكم بذلك عبارة أخرى عن البطلان.
المطلب الثاني : فيما إذا تعلّق النهي عن المسبّب ، كما في النهي الوارد عن عدم تملّك الكافر للعبد المسلم ، وكذا النهي المتعلّق ببيع المصحف للكافر ، فإنّ مراده من ذلك هو عدم تملّكه له.
وعليه ، فهل النهي المتعلّق بالمسبّب أي بالأثر والمضمون الذي يراد تحقّقه من السبب يقتضي فساد المعاملة أم لا؟
قد يقال : أنّ النهي عن المسبّب يقتضي بطلان السبب أي المعاملة ؛ وذلك لوجهين :
الوجه الأوّل : أنّ التحريم المتعلّق بالمسبّب معناه مبغوضيّة المولى لهذه المسبّب ، فالشارع يبغض ترتّب الأثر وحصول التملّك والنقل والانتقال ، وإذا كان مبغوضا فيستحيل أن يحكم الشارع بتحقّق الأثر المترتّب على العقد والسبب ؛ لأنّه لو حكم بنفوذه وصحّته لكشف ذلك عن كونه مرادا ومطلوبا له وأنّه ليس مبغوضا ، فيلزم اجتماع المبغوضيّة وعدمها. فلا بدّ حينئذ أن يحكم ببطلان السبب ؛ لأنّه هو الذي يحقّق هذا الأثر الذي يبغضه ولا يريد تحقّقه.
وبتعبير آخر : لمّا كان الشارع يبغض المسبّب وهو لا يحصل إلا بواسطة السبب