والجواب : أنّ الحجر على شخص له معنيان :
أحدهما : الحجر الوضعي ، بمعنى الحكم بعدم نفوذ معاملاته.
والآخر : الحجر التكليفي ، بمعنى منعه.
فإن أريد أنّ التحريم يساوق الحجر بالمعنى الأوّل فهو أوّل الكلام.
وإن أريد أنّه يساوقه بالمعنى الثاني فهو مسلّم ، ولكن من قال : إنّ هذا يستتبع الحجر الوضعي؟ فالظاهر أنّ تحريم المسبّب لا يقتضي البطلان ، بل قد يقتضي الصحّة كما أشرنا في حلقة سابقة (١).
الوجه الثاني : ـ للقول باقتضاء النهي عن المسبّب للبطلان ـ هو ما ذكره الميرزا وحاصله : أنّ ترتّب المسبّب والأثر على المعاملة يتوقّف على توفّر شروط ثلاثة :
الأوّل : أن يكون هناك عقد وإيجاب وقبول ، أي على وجود الصيغة الشرعيّة.
الثاني : أن يكون المتعاملان المالكين أو الوكيلين أو بالاختلاف للثمن والمثمن.
الثالث : أن يكون للمتعاملين السلطنة والولاية والقدرة على التصرّف في الثمن والمثمن.
فإذا اختلّ أحد هذه الشروط الثلاثة كشف ذلك عن عدم تحقّق الأثر والمسبّب.
وفي مقامنا إذا تعلّق النهي عن المسبّب اختلّ الشرط الثالث ، بحيث يكون المالك ممنوعا من التصرّف ومسلوب القدرة والسلطنة والولاية على نقل المال إلى الغير ، وبذلك يكون محجورا عليه تماما كالصغير. فإذا كان كذلك وقعت المعاملة منه فاسدة بمعنى عدم ترتّب الأثر عليها ، وهذا معناه بطلان المعاملة بالنهي عن المسبّب.
والجواب : أنّ الحجر بمعنى انتفاء القدرة والسلطنة والولاية يحتمل فيه أحد أمرين :
أحدهما : الحجر الوضعي ، بمعنى عدم نفوذ معاملاته والحكم ببطلانها كالصغير.
الآخر : الحجر التكليفي ، بمعنى أنّه لا يجوز له إنشاء المعاملات وإنّما هو ممنوع شرعا من إنشائها.
فإن أريد المعنى الأوّل ، فهذا هو المدّعى في الوجه الذي ذكره الميرزا ، ويحتاج إثباته إلى دليل عليه ، وهو غير موجود ؛ لأنّ الثابت شرعا هو الحجر الوضعي على الصغير
__________________
(١) الحلقة الثانية ، ضمن بحوث الدليل العقلي ، تحت عنوان : اقتضاء الحرمة للبطلان.