حجّيّة الدليل العقلي
الدليل العقلي إن كان ظنّيّا فهو بحاجة إلى دليل على حجّيّته ، ولا دليل على حجّيّة الظنون العقليّة. وأمّا إذا كان قطعيّا فهو حجّة من أجل حجّيّة القطع.
ونسب إلى بعضهم (١) القول بعدم حجّيّة القطع الناشئ من الدليل العقلي ، وهو بظاهره غير معقول ؛ لأنّ حجّيّة القطع الطريقي غير قابلة للانفكاك عنه مهما كان سببه.
ومن هنا حاول بعض الأعلام (٢) توجيهه ثبوتا بدعوى تحويل القطع الطريقي إلى موضوعي ، وذلك بأن يفرض عدم القطع العقلي قيدا في موضوع الحكم المجعول ، فمع القطع العقلي لا حكم ليكون القطع منجّزا له.
حجّيّة الدليل العقلي :
بعد أن فرغنا من الكلام عن القواعد التي يحكم بها العقل وهو بمثابة الصغرى ، نأتي للحديث عن حجّيّة هذه القواعد العقليّة وهذا بحث كبروي ، فهل هي حجّة أم لا؟
الصحيح هو التفصيل بين الأدلّة العقليّة الظنيّة والقطعيّة.
فإن كان الدليل العقلي ظنيّا فهو بحاجة إلى دليل خاصّ يدلّ على حجّيّته ، وإلا فإنّه لم يثبت لدينا حجّيّة كلّ الظنون العقليّة ، فإنّ ما استدلّ به على حجّيّة مطلق الظنّ وهو دليل الانسداد وغيره لم يكن تامّا في نفسه ، ولذلك يحتاج كلّ ظنّ إلى التعبّد بحجّيّته بمعنى قيام دليل قطعي على حجّيّته.
__________________
(١) نسبه الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول ١ : ٥١ إلى بعض الأخباريّين.
(٢) كالمحقّق النائيني في فوائد الأصول ٣ : ١٣ ـ ١٤.