ويرد على ذلك :
أوّلا : أنّ القطع العقلي الذي يؤخذ عدمه في موضوع الحكم هل هو القطع بالحكم المجعول أو بالجعل؟
والأوّل واضح الاستحالة ؛ لأنّ القطع بالمجعول يساوق في نظر القاطع ثبوت المجعول فعلا ، فكيف يعقل أن يصدّق بأنّه يساوق انتفاءه؟!
وأمّا الثاني فلا تنطبق عليه هذه الاستحالة ؛ إذ قد يصدق القاطع بالجعل بعدم فعليّة المجعول ، ولكنّ التصديق بذلك هنا خلاف المفروض ؛ لأنّ المفروض قيام الدليل العقلي القطعي على ثبوت تمام الملاك للحكم ، فكيف يعقل التصديق بإناطة الحكم بقيد آخر؟!
وبكلمة موجزة : أنّ المكلّف إذا كان قاطعا عقلا بثبوت تمام الملاك للحكم فلا يمكن أن يصدّق بإناطته بغير ما قطع عقلا بثبوته ، وإذا كان قاطعا عقلا بثبوت الملاك للحكم ولكن على نحو لا يجزم بأنّه ملاك تامّ ويحتمل دخل بعض القيود فيه ، فليس هذا القطع حجّة في نفسه بلا حاجة إلى بذل عناية في تحويله من طريقيّ إلى موضوعي.
ويرد على تحويل القطع العقلي من طريقي إلى موضوعي :
أوّلا : أنّ أخذ عدم القطع العقلي قيدا في موضوع الحكم الشرعي ما ذا يراد به؟
فهل يراد أخذه كذلك في الحكم الشرعي المجعول أم في الحكم الشرعي بمعنى الجعل؟
فإن أريد أخذه في الحكم الشرعي بمعنى المجعول ، بأن يقال : إنّ فعليّة الحكم الشرعي وكونه منجّزا بحقّ المكلّف يشترط فيه ألاّ يكون قد قطع به من طريق العقل ، فهذا غير معقول في نفسه ؛ وذلك لأنّ القاطع بالحكم الشرعي من خلال العقل يرى أنّ الحكم الشرعي مجعولا بحقّه وفعليّا ومنجّزا عليه ، فكيف يصدّق في نفس الوقت بأنّه ليس فعليّا وليس منجّزا؟!
وهذا يعني أنّ مثل هكذا تقييد يلزم منه عدم الجدّيّة وعدم إمكان التصديق به ؛ لأنّ كلّ قاطع يرى أنّ التكليف المقطوع به فعلي بحقّه.
وإن أريد أخذه في الحكم الشرعي بمعنى الجعل ، بأن يقال : إنّ الجعل إذا قطع به