كما إذا ضاقت قدرة المكلّف في مورد ما عن إتيان الواجب وترك الحرام معا.
التزاحم بين الواجب والحرام : وهنا يتعرّض السيّد الشهيد لمطلب أجنبي عن بيان الثمرات عرضا ، وهو ما إذا تزاحم الواجب مع الحرام كما إذا كان إنقاذ الغريق الواجب مزاحما مع امتثال حرمة الغصب ، بأن توقّف إنقاذ الغريق على المرور بالأرض المغصوبة أو على ركوب السفينة المغصوبة ، ولا يتصوّر فرض المزاحمة بين الواجب والحرام إلا إذا كان فعل الواجب متوقّفا على ارتكاب الحرام ، بحيث كان الواجب مقدّمة للحرام.
وهنا بحث مفصّل سوف يأتي في باب المقدّمة.
وحاصله أن يقال : إنّ الواجب الذي صار مقدّمة للحرام إمّا أن يكون موصّلا أو لا يكون كذلك ، والمقدّمة إمّا أن تكون واجبة أو لا تكون كذلك.
فإن لم تكن المقدّمة واجبة أصلا وقع التزاحم بين وجوب إنقاذ الغريق وبين اجتياز الأرض المغصوبة ، وحينئذ يقدّم الأهمّ ملاكا.
وإن كانت المقدّمة واجبة وقع التعارض ؛ لأنّ اجتياز الأرض المغصوبة حرام نفسيّا بذاته ومع صيرورته مقدّمة للواجب يصبح واجبا غيريّا بالعرض ، واجتماع الحرمة والوجوب على شيء واحد يوجب التعارض بين دليل الحرمة ودليل الواجب ، فيدخل في باب التعارض ؛ لأنّ اجتماع الأمر والنهي على شيء واحد يقع صغرى لباب التعارض.
وإن كانت المقدّمة الواجبة موصلة للواجب الأهمّ بحيث لا يمكن إنقاذ الغريق إلا باجتياز الأرض المغصوبة وكان إنقاذه هو الأهمّ ، فهنا سوف تسقط الحرمة عن اجتياز الأرض المغصوبة تطبيقا لقواعد التزاحم من تقديم الأهمّ على الأقلّ أهمّيّة ، بحيث يكون الأقلّ أهمّيّة مشروطا بعدم امتثال الأمر الأهمّ.
وإن لم تكن المقدّمة موصلة فإن لم نقل بوجوب مطلق المقدّمة كان اجتياز الأرض حراما ولا يوجد ما يحول دون هذه الحرمة ؛ لأنّه لن يؤدّي إلى امتثال الواجب ، وأمّا إن قلنا بوجوب مطلق المقدّمة كما هو رأي صاحب ( الكفاية ) فيكون اجتيازها وإن لم يوصل إلى الواجب الأهمّ واجبا أيضا ، فيقع التعارض بين دليل الحرمة ودليل الواجب النفسي بلحاظ الأرض المغصوبة.