ثابت بنفس الوجوب الترتّبي كما تقدّم ؛ إذ المفروض أنّ الوجوب الترتّبي ثابت ولا يسقط بعدم تحقّق شرطه.
وهذا بخلاف ما لو قلنا باستحالة الترتّب ، فإنّه حينئذ سوف تكون صلاته باطلة في هذا الفرض ، ولذلك قال :
وأمّا إذا أخذنا بوجهة نظر صاحب ( الكفاية ) رحمهالله القائل بأنّ الأمرين بالضدّين لا يجتمعان ولو على وجه الترتّب ، فمن الصعب تصحيح الصلاة المذكورة ؛ لأنّ صحّتها فرع ثبوت أمر بها ، ولا أمر بها ولو على وجه الترتّب بناء على وجهة النظر المذكورة.
فإن قيل : يكفي في صحّتها وفاؤها بالملاك وإن لم يكن هناك أمر.
كان الجواب : أنّ الكاشف عن الملاك هو الأمر ، فحيث لا أمر لا دليل على وجود الملاك.
إذا أخذنا بوجهة نظر صاحب ( الكفاية ) القائلة باستحالة الترتّب ، وأنّ الأمرين بالضدّين لا يمكن اجتماعهما ولا يمكن طلبهما ولو على وجه الترتّب ، فمن الصعب أن يحكم بصحّة الصلاة في الفرض المذكور ؛ وذلك لأنّه مع وجود الواجب الأهمّ سوف يكون الاشتغال بالصلاة الأقلّ أهمّيّة من دون أمر ؛ إذ المفروض أنّ الأمر المطلق بالصلاة مستحيل لاستلزامه طلب الجمع بين الضدّين ؛ لأنّ المفروض أيضا إنّ الإنقاذ وجوبه مطلق ، ومعنى الإطلاق كما تقدّم كونه فعليّا في جميع الحالات سواء اشتغل بغيره أم لا ، والأمر الترتّبي بالصلاة مستحيل عند صاحب ( الكفاية ) ؛ لأنّ الترتّب نفسه مستحيل عنده كما تقدّم. وحينئذ لا يبقى أمر بالصلاة ، والفعل العبادي يحتاج إلى الأمر به ليقع عباديّا ، وبالتالي ليحكم بصحّته وإجزائه.
وقد يقال : إنّه بالإمكان تصحيح الصلاة في الفرض المذكور حتّى مع القول باستحالة الترتّب ؛ وذلك لأنّ الفعل العبادي يمكن أن يقع قربيّا ومجزيا فيما إذا كان المكلّف قاصدا تحصيل الملاك الموجود فيه ، فإنّه لا يشترط دائما وقوع الفعل العبادي عن الأمر به ، بل يكفي فيه أن يكون الفعل وافيا بالملاك ؛ لأنّ كلّ أمر وراؤه ملاك فيمكنه أن يقصد الملاك كما يمكنه أن يقصد الأمر.
وفي مقامنا حيث إنّ الأمر بالصلاة يسقط لمكان التعارض بينها وبين إنقاذ الغريق ،