ولا شكّ في أنّ الأمر بالإزالة أهمّ ؛ لأنّ استيفاءه ينحصر بذلك الزمان ، بينما استيفاء الأمر بالجامع يتأتّى بحصّة أخرى ، وهذا ـ يعني وفقا لما تقدّم (١) ـ أنّ الأمر بالجامع يكون منوطا بعدم الابتلاء بالإزالة الواجبة ، فإن فسّرنا عدم الابتلاء بعدم الأمر ـ كما عليه صاحب ( الكفاية ) ـ كان معنى ذلك أنّ الحصّة المزاحمة من الصلاة لا أمر بها فلا تقع صحيحة إذا آثرها المكلّف على الإزالة ، وإن فسّرنا عدم الابتلاء بعدم الاشتغال بامتثال المزاحم ـ كما عليه النائيني ـ كان معنى ذلك أنّ الأمر بالجامع ثابت على وجه الترتّب ، فلو أتى المكلّف بالحصّة المزاحمة من الصلاة وقعت منه صحيحة.
بعد أن قلنا بوقوع التزاحم لا بدّ من تقديم الأهمّ ملاكا من الواجبين على الآخر ، وهنا لا شكّ في كون الأمر بالإزالة أهمّ من الحصّة الصلاتيّة في أوّل الوقت ؛ وذلك لأنّ الأمر بالإزالة فوري ومضيّق ، بينما الأمر بالصلاة يمكن امتثاله واستيفاء الملاك منه في حصّة أخرى غير الحصّة المزاحمة للإزالة ، فهو تكليف له بدل ، وسوف يأتي أنّ التكليف الذي لا بدل له والفوري مقدّم على ما لا بدل له وما ليس فوريّا.
ومع تقديم الأمر بالإزالة يصبح الأمر بجامع الصلاة مشروطا بعدم الابتلاء بالإزالة الواجبة ، كما هو مقتضى الأمر الترتّبي الناتج عن أخذ القدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ.
وحينئذ فنحن بين احتمالين ـ كما تقدّم سابقا ـ فإمّا أن نقول : إنّ عدم الابتلاء معناه عدم الأمر ـ كما هي مقالة صاحب ( الكفاية ) ـ فيكون التكليف بالضدّين مستحيلا سواء كانا مطلقين أو مشروطين ، فإذا ثبت أحدهما ارتفع الآخر أساسا ، وهنا حيث إنّ الأمر بالإزالة هو الثابت لكونه أهمّ من حيث الملاك فيرتفع الأمر بالصلاة في فرضه ، فلا تكليف بالصلاة في وقت الإزالة ، ولذلك لو عصى وصلّى لوقعت صلاته باطلة ؛ لعدم الأمر بها والعبادة مع عدم الأمر باطلة.
بخلاف ما إذا قلنا بأنّ عدم الابتلاء معناه عدم الاشتغال ـ كما هي مقالة الميرزا النائيني ـ فإنّه في هذه الحالة سوف يكون الأمر الترتّبي بالصلاة المزاحمة ممكنا ومشروطا بعدم الاشتغال بالإزالة ، ولذلك لو عصى واشتغل بالصلاة لوقعت صحيحة لثبوت الأمر الترتّبي بها ، وقد تحقّق شرطه في هذا الفرض.
__________________
(١) في صدر هذا البحث ، تحت عنوان : شرطيّة القدرة بالمعنى الأعمّ.