وهي والله للمؤمن أنفع ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعمه أبي طالب وهو في الموت : قل : « لا إله إلا الله » أشفع لك بها يوم القيامة ، ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول له ويعد إلا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا ـ أعني أبا طالب ـ (١) يقول الله عزوجل : « وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ».
أيها الناس اسمعوا وعوا واتقوا الله وراجعوا وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد صار عكم النكوص وخامركم الطغيان(٢) والجحود ، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ، والسلام على من اتبع الهدى.
قال : فقال معاوية : والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الارض ، وهممت أن أبطش به ، (٣) ثم علمت أن الاغضاء(٤) أقرب إلى العافية.(٥)
بيان : الطية بالكسر : النية والقصد. والافن بالتحريك : ضعف الرأي. و بالفتح : النقص. والغية : الزنا. والتألي على التفعل : الحكم بالجزم ، والحلف على الشئ. وزحزحته عن كذا أي باعدته عنه. قوله عليهالسلام : « وقد كانت القضية » لعل المراد بيان أن الاوصياء والانبياء وعترتهم عليهمالسلام ليسوا كسائرالخلق في أحوالهم كما أن عدم إصابة داود عليهالسلام القضية لمصلحة لميضره ، ومن سائر الخلق الخطاء
__________________
(١) ذلك الزام عليهم لانهم كانوا قائلين بكفره ، وإلا فالشيعة الا مامية شيدالله بنيانهم على أن أباطالب رضياللهعنه كان مؤمنا بالنبى صلىاللهعليهوآله يكتم ايمانه ، وكان يحميه بنفسه وولده وماله ، ويدافع عنه ، ويؤثره على نفسه وأهله ، ويستدلون على ذلك بسيرته وبما يو عز إليه في أشعاره من الايمان بالله وباليوم الاخر وبالنبى صلىاللهعليهوآله ، وبما ورد في صحاح الاخبار ومسانيدها من أئمة أهل البيت عليهم أفضل التحيات والسلام وغيرهم في ذلك ، ووافق الشيعة في ذلك الزيدية وعدة من أهل السنة ، وصنف في ذلك جماعة منهم : السيوطى صنف « بغية الطالب في ايمان ابى طالب » والسيد أحمد زينى دحلان صنف « اسنى المطالب في نجاة أبى طالب » ولا صحابنا في ذلك قديما وحديثا أكثر من اربعين كتابا ، ولعلنا نشير إلى ذلك ونبذة من أشعارة في محله إن شاء الله.
(٢) خامر القلب : داخل. وخامر الشئ الاخر : خالطه. خامره الداء : دخل جوفه.
(٣) بطش به : فتك به وأخذ بصولة وشدة.
(٤) أغضى على الامر : سكت وصبر.
(٥) امالى ابن الشيخ : ١٠ ـ ١٤.