فقال اليهودي : فإن هذا يوسف عليهالسلام قاسى مرارة الفرقة ، وحبس في السجن توقيا للمعصية ، فالقي في الجب وحيدا. قال له علي عليهالسلام : لقد كان كذلك ، محمد صلىاللهعليهوآله قاسى مرارة الغربة وفارق الاهل والا ولاد والمال مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه فلما رأى الله عزوجل كأبته واستشعاره الحزن(١) أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف عليهالسلام في تأويلها ، وأبان للعالمين صدق تحقيقها ، فقال : « لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم و مقصرين لا تخافون » ولئن كان يوسف عليهالسلام حبس في السجن فلقد حبس رسول الله صلىاللهعليهوآله نفسه في الشعب ثلاثة سنين ، وقطع منه أقار به وذووا الرحم ، و ألجؤوه إلى أضيق المضيق ، فلقد كادهم الله عز ذكره له كيدا مستبينا ، إذبعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه ، ولئن كان يوسف عليهالسلام القي في الجب فلقد حبس محمد صلىاللهعليهوآله نفسه مخافة عدوه في الغار حتى قال لصاحبه : « لاتحزن إن الله معنا » ومدحه الله بذلك في كتابه.
فقال له اليهودي : فهذا موسى بن عمران عليهالسلام آتاه الله التوراة التي فيها حكم(٢) قال له علي عليهالسلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلىاللهعليهوآله اعطي ماهو أفضل منه ، أعطى محمدا صلىاللهعليهوآله سورة البقرة والمائدة بالانجيل ، وطواسين وطه ونصف المفصل و الحواميم بالتوراة ، وأعطى نصف المفصل والتسابيح بالزبور ، وأعطى سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم عليهالسلام وصحف موسى عليهالسلام ، وزاد الله عزذكره محمدا صلىاللهعليهوآله السبع الطوال ، وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وأعطى الكتاب والحكمة.
قال له اليهودى : فإن موسى عليهالسلام ناجاه الله عزوجل على طورسيناء. قال له علي عليهالسلام : لقد كان كذلك ، ولقد أوحى الله عزوجل إلى محمد صلىاللهعليهوآله عند سدرة المنتهى ، فمقامه في السماء محمود ، وعند منتهى العرش مذكور.
قال له اليهودي فلقد ألقى الله على موسى عليهالسلام محبة منه. قال له علي عليهالسلام
__________________
(١) الكأبة : الغم وسوء الحال والانكسار من الحزن. استشعر الخوف أى جعله شعار قلبه.
(٢) في المصدر : فيها حكم.