يعلم الخير كله والشر كله؟ قال : لا ، قال له : فإبليس أعلم من إمامك إذا ، فانقطع أبوالهذيل.(١)
٢ ـ وقال أبوالحسن علي بن ميثم يوما آخر لابي الهذيل : أخبرني عمن أقر على نفسه بالكذب وشهادة الزور هل يجوز شهادته في ذلك المقام على آخر؟ فقال أبوالهذيل : لايجوز ذلك ، قال أبوالحسن : أفلست تعلم أن الانصار ادعت الامرة لنفسها ثم أكذبت نفسها في ذلك المقام ، وشهدت بالزور ، ثم أقرت بها لابي بكر و شهدت بها له؟ فكيف تجوز شهادة قوم أكذبوا أنفسهم وشهدوا عليها بالزور مع ما أخذنا رهنك من القول في ذلك؟
وقال لي الشيخ أدام الله حراسته : هذا كلام موجز في البيان ، والمعنى فيه على الايضاح أنه إذا كان الدليل عند من خالفنا على إمامة أبي بكر إجماع المهاجرين عليه فيما زعمه والانصار وكان معترفا ببطلان شهادة الانصار من حيث أقرت على نفسها بباطل ما ادعته من استحقاق الامامة فقدصار وجود شهادتهم كعدمها ، وحصل الشاهد بإمامة أبي بكر بعض الامة(٢) لاكلها ، وبطل ما ادعوه من الاجماع عليها ، ولا خلاف بيننا وبين خصومنا أن إجماع بعض الامة ليس بحجة فيما ادعاه ، وأن الغلط جائز عليه ، وفي ذلك فساد الاستدلال على إمامة أبي بكر بما ادعاه القوم ، وعدم البرهان عليها من جميع الوجوه.(٣)
٣ ـ قال : وأخبرني الشيخ أيضا قال : جاء ضرار إلى أبي الحسن علي بن ميثم رحمهالله فقال له : يا أبا الحسن قد جئتك مناظرا ، فقال له أبوالحسن : وفيم تناظرني؟ قال : في الامامة ، قال : ماجئتني والله مناظرا ولكنك جئت متحكما ، قال ضرار : ومن أين لك ذلك؟ قال أبوالحسن : علي البيان عنه ، أنت تعلم أن المناظرة ربما انتهت إلى حد يغمض فيه الكلام فيتوجه الحجة على الخصم ، فيجهل ذلك أويعاند وإن لم يشعر بذلك منه أكثر مستمعيه بل كلهم ، ولكنني أدعوك إلى منصفة في القول ، اختر
__________________
(١) الفصول المختارة ١ : ٥.
(٢) في المصدر : وحصل الشاهد بامامة أبى بكر من بعض الامة.
(٣) الفصول المختارة ١ : ٥ و ٦.