فيهم بهزيمة شيخين من جملتهم ، أوكانا من فرط ما يلحقهما من الخوف والجزع يصيران إلى أهل الشرك مستأمنين ، أوغير ذلك من الفساد الذي يعلمه الله تعالى ، ولعله لطف للامة بأن أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بحبسهما عن القتال ، فأما ماتوهموه من أنه حبسهما للاستعانة برأيهما فقدثبت أنه كان كاملا وكانا ناقصين عن كماله ، وكان صلىاللهعليهوآله معصوما وكانا غير معصومين ، وكان مؤيدا بالملائكة وكانا غير مؤيدين ، وكان يوحى إليه و ينزل القرآن عليه ولم يكونا كذلك ، فأي فقر بحصل له مع ماوصفناه إليهما لولاعمى القلوب وضعف الرأي وقلة الدين؟! والذي يكشف لك عن صحة ما ذكرته آنفافي وجه إجلاسهما معه في العريش قول الله سبحانه : « إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التورية والانجيل والفرقان(٢) » فلايخلو الرجلان من أن يكونا مؤمنين أو غير مؤمنين ، فقد اشترى الله(٣) عزوجل أنفسهما منهما بالجنة على شرط القتال المؤدي إلى القتل منهما لغيرهما أوقتل غيرهما لهما ، ولوكان ذلك كذلك(٤) لما حال النبي بينهما وبين الوفاء بشرط الله عليهما من القتل ، وفي منعهما من ذلك دليل على أنهما بغير الصفة التي يعتقدها فيهما الجاهلون ، فقد وضح بما بيناه أن العريش وبال عليهما ، ودليل على نفصهما ، وأنه بالضد مما توهموه ، والمنة لله تعالى.(٥)
٨ ـ وقال الشيخ أدام الله عزه : قال أبوالحسن الخياط جاءني رجل من أصحاب الامامة عن رئيس لهم زعم أنه أمره أن يسألني عن قول النبي صلىاللهعليهوآله لابي بكر : « لاتحزن » (٦) أطاعة خوف أبي بكر(٧) أم معصية؟ قال : فإن كان طاعة فقد نهاه عن الطاعة ، وإن كان معصية فقد عصى أبوبكر.
قال فقلت له : دع الجواب اليوم ولكن ارجع إليه واسأله عن قول الله تعالى
__________________
(١) في نسخة : أجلسهما.
(٢) التوبة : ١١١.
(٣) في المصدر : أوغير مؤمنين ، فان كانا مؤمنين فقد اشترى الله اه.
(٤) في المصدر : ولو كانا كذلك.
(٥) الفصول المختارة ١ : ١٤ و ١٥.
(٦) التوبة : ٤١.
(٧) في المصدر : أطاعة خزن أبى بكر؟.